قليل عيبه والعيب جم |
|
ولكن الغنى رب غفور |
يريد ولكن الغنى غنى رب غفور.
والوجه الرابع من التأويل أن يكون معنى الآية الإخبار عن أنه لا أحد أخذ بثأرهم ولا أحد انتصر لهم لأن العرب كانت لا تبكي على قتيل إلا بعد الأخذ بثأره فكني بهذا اللفظ عن فقد الانتصار والأخذ بالثأر على مذهب القوم الذين خوطبوا بالقرآن.
والوجه الخامس من التأويل أن يكون البكاء المذكور في الآية كناية عن المطر والسقيا لأن العرب تشبه المطر بالبكاء ويكون معنى الآية أن السماء لم تسق قبورهم ولم تجد بقطرها عليهم على مذهب العرب المعهود بينهم لأنهم كانوا يستسقون السحائب لقبور من فقدوه من أعزائهم يتعشبون الزهر والرياض لمواقع حفرهم قال النابغة :
فلا زال قبر بين تبنى وجاسم (١) |
|
عليه من الوسمي طل ووابل |
فينبت حوذانا (٢) وعوفا منورا |
|
سأتبعه من خير ما قال قائل |
وكانوا يجرون هذا الدعاء مجرى الاسترحام ومسألة الله تعالى لهم الرضوان والفعل إذا أضيف إلى السماء وإن كان لا تجوز إضافته إلى الأرض فقد يصح عطف الأرض على السماء بأن يقدر فعل يصح نسبته إليها والعرب تفعل مثل هذا قال الشاعر :
يا ليت زوجك قد غدا |
|
متقلدا سيفا ورمحا |
بعطف الرمح على السيف وإن كان التقلد لا يجوز فيه لكنه أراد حاملا رمحا ومثل هذا يقدر في الآية فيقال إنه تعالى أراد أن السماء لا تسقي قبورهم والأرض لم تعشب عليها وكل هذا كناية عن حرمانهم رحمة الله عزوجل.
__________________
(١) موضعان بالشام.
(٢) الحوذان والعوف نباتان لهما رائحة.