قلت بل بينهما فروق وإن شمل الحد.
قال وما هي؟
قلت منها أن علة القياس في العقليات موجبة ومؤثرة تأثير الإيجاب وليست علة القياس في السمعيات عند من يستعمله كذلك بل يقولون هي تابعة للدواعي والمصالح المتعلقة بالاختيار.
ومنها أن العلة في العقليات لا تكون إلا معلومة وهي عندهم في السمعيات مظنونة وغير معلومة.
ومنها أنها في العقليات لا تكون إلا شيئا واحدا وهي في السمعيات قد تكون مجموع أشياء فهذه بعض الفروق بين القياسين وإن شملهما حد واحد.
قال فما الذي يدل على أن القياس في السمعيات لا يجوز؟
قلت الدليل على ذلك أن الشريعة موضوعة على حسب مصالح العباد التي لا يعلمها إلا الله تعالى ولذلك اختلف حكمها في المتفق الصور واتفق في المختلف وورد الحظر لشيء والإباحة لمثله بل ورد الحكم في الأمر العظيم صغيرا وفي الصغير بالإضافة إليه عظيما واختلف كل الاختلاف الخارج عن مقتضى القياس.
وإذا كان هذا سبيل المشروعات علم أنه لا طريق إلى معرفة شيء من أحكامها إلا من قبل المطلع على السرائر العالم بمصالح العباد وأنه ليس للقائسين فيه مجال.
فقال أحد الحاضرين فمثل لنا بعض ما أشرت إليه من هذا الاختلاف المباين للقياس.
قلت هو عند الفقهاء أظهر من أن يحتاج إلى مثال ولكني أورد منه طرفا لموضع السؤال.
فمنه أن الله عزوجل أوجب الغسل من المني ولم يوجبه من البول والغائط وليس هو بأنجس منهما وأكثر العامة يروون أنه طاهر.
وألزم الحائض قضاء ما تركته من الصيام وأسقط عنها قضاء ما تركته