وأسباب حدوثها فقد اختلف فيها فنسب الفريقان إلى نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) أسبابا لها ذكروها في الكتب الموضوعة لنقل أحاديثه (صلىاللهعليهوآله).
وذكر قدماء الفلاسفة الطبيعيين لها أسبابا خاصة مذكورة في الكتب الفلسفية ، وأما علماء الطبيعيات في العصر الحديث فقد ذكروا أمورا تغاير ما ذكره القدماء ، ويظهر من بعض الآيات والأحاديث ـ على ما سيأتي في محله ـ أنّ لها حياة وشعورا وإدراكا خاصة.
والظاهر أنّ ذلك لم يكن من الاختلاف في الحقيقة وإن قصرت عبارات بعض ، فإنّ لكل شيء من موجودات هذا العالم أسبابا ومعدات ومقتضيات وشروطا قد أدرك العقل بعضها ولم يدرك الآخر بعد ، وأنبياء الله تعالى وأولياؤه حيث إنّهم يرون أنّ جميع الحوادث تستند اليه عزوجل والملائكة المدبرين لأمره ينسبون ذلك اليه تعالى وهو الحق الذي لا محيص عنه ، وأما غيرهم فلا يدركون إلّا ما وصل اليه فكرهم مع أنه يمكن أن تكون في الواقع أسبابا أخرى غفلوا عنها وتشبه ذلك حالة المريض الذي اختلفت أنظار النّاس في مرضه فالعالم الروحاني يرى أنّ مرضه نشأ من ناحية دعاء المظلوم الذي ظلمه هذا الشخص مثلا ، والطبيب يقول إنّ مرضه من التهاب بعض أعضاء جسمه مثلا ، والنفساني يرى كدورة نفسه هي السبب ، وأهل المريض يرون أنه كان محموما فشرب الخل مثلا. ولما عاده وليّ من أولياء الله قال : إنّ ممرضك هو يشفيك كما قال تعالى : (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [سورة الشعراء ، الآية : ٨٠] والجميع صادقون في أقوالهم وآرائهم فإن كل واحد ذكر مقتضيا من مقتضيات المرض وسببا من أسبابه لا أن يذكر العلة التامة ، وبهذا يمكن أن يجمع بين آراء العلماء في العلوم. وربما ننتفع به في غير المقام كما سيأتي.
وحيث إنّ المنافقين من الخائنين والخوف مسلط على الخائن مطلقا فتكون هذه الجملة : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) توبيخا آخر لهم بالملازمة فهم يخافون من موتهم بالصاعقة والرعد ، فيجعلون أصابعهم في