وكنوزها. وما يتوهم من أن الأرض كما أنها مجمع المنافع فيها شرور أيضا من أهمها انها محل إضلال الشياطين واغوائهم. غير صحيح بما ثبت في علم الفلسفة من أن الشر القليل لا يمنع عن الخير الكثير الموجود فيها ولم يذكر الأرض بلفظ الجمع في القرآن العظيم وان وردت جمعا في الدعوات المأثورة المعتبرة وقد ذكر السماء مفردا وجمعا في القرآن. نعم ورد في قوله تعالى : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) [سورة الطلاق ، الآية : ١٢] ، ويأتي ما يتعلق بذلك.
ولكن ثبت في الفلسفة القديمة بالبراهين القويمة أن جميع الكرات من النوع المنحصر في الفرد بلا فرق بين الأرض وغيرها ولو فرض تعدد فإنما هو بحسب النوع لا بحسب الأفراد الداخلة تحت نوع واحد ؛ وعلى هذا فإفراد لفظ الأرض في القرآن كإفراد لفظي الشمس والقمر يكون بحسب الدليل ، وسيأتي تتمة البحث وأما إفراد السماء وجمعها فقد تقدم بعض الكلام فيه.
قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ). الماء معروف وهو منشأ الحياة في كل ذي روح سواء كان إنسانيا أو حيوانيا أو نباتيا كما قال تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٣٠] والماء أصل حدوثه يكون في العالم العلوي وفي الأرض أمكنة مجعولة إلهية لإبقاء هذه النعمة الكبرى تسهيلا على المنتفعين به فأصل الحدوث من السماء والعلة المبقية في الأرض ، وسيأتي مزيد بيان لهذا البحث في الآيات المناسبة.
ولا ريب في تقوّم الإنسان بل كل حيوان برزق مخصوص ، والرزق متقوم بالثمرات وهي ما يحصل من النبات وكل نبات متقوم بالماء وهو من السماء وبالأخرة يرجع الرزق اليه تبارك وتعالى وقد أشار سبحانه وتعالى الى ذلك بقوله : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) [سورة الذاريات ، الآية : ٢٢].
وقد ذكر سبحانه في هذه الآيات من أصول نعمه نعمة الإيجاد والخلق