لنا ولأسلافنا ونعمة العيش والحياة ونعمة الغذاء ، فعرفنا ذاته المقدسة بآثار رحمته وعظيم نعمه وسعة فضله وغاية قدرته وعظمته.
قوله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) تفريع وتوبيخ للمخاطب العاقل في صورة النهي ، يعني أنه مع علمكم بألطافه تعالى وعناياته عليكم كيف تجعلون له شريكا ومثلا. والند هو المثل والكفؤ والشريك. (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنه لا ندّ له لكونهم معترفين بأن الله خالقهم ورازقهم والمنعم عليهم والمدبر لأمورهم فلا يقول خلاف علمكم وعقيدتكم. ويجري معنى الآية في كل من يقول بأنّ مجاري الطبيعة مسخرة تحت إرادته تعالى ومع ذلك يعتقد بخلاف ذلك فلا يختص بزمان دون زمان.
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤))
بعد أن ذكر سبحانه أقسام الناس بالنسبة إلى الإيمان والكفر كما تقدم. أمر سبحانه الناس بعبادته لعلهم يصلون إلى الغاية المرجوّة لهم وهي التقوى والتي تستكمل نفوسهم بها لأنه المنعم عليهم بأنواع نعمه. وبما كان له من الربوبية العظمى في خلقه شرع في إثبات النبوة لعبده وبيان ما أنزله عليه وإزالة الشك بأن ما جاء به محمد (صلىاللهعليهوآله) كان من عند نفسه فتحداهم بأن يأتوا بسورة من مثله. فالآية من أدلة اثبات النبوة ويصح جعلها من أدلة اثبات اعجاز القرآن كما يصح جعلها لهما معا لمكان تلازمهما في جميع مراحل الوجود.
التفسير
قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ). يعني إذا حصل لكم الشك في أمر القرآن وزعمتم أنه من كلام البشر فأتوا بسورة من مثله ، وقد ذكر سبحانه وتعالى المنزل عليه بأحسن لفظ تشريفي يتدفق منه الحنان والعطوفة.