وخوارق العادة غير صحيح إلّا بالنسبة إلى إتمام الحجة.
والسورة هي بعض الشيء وطائفة منه قلّ أو كثر ، والتحدي بها يقتضي التحدي بأقصر سورة في القرآن ، بل إذا كان ال (ب) للتبعيض يشمل الآية الواحدة أيضا.
ثم إنه ورد التحدي بالقرآن في ثلاثة مواضع غير هذا الموضع : قال تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) [سورة الإسراء ، الآية : ٨٨].
وثانيها قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [سورة هود ، الآية : ١٣]. وثالثها قوله جل شأنه : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) [سورة يونس ، الآية : ٣٨]. نعم. ذكر تعالى الحديث أيضا فقال سبحانه : (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) [سورة الطور ، الآية : ٣٤] ولكن المراد هو القرآن فيرجع الى القسم الأول.
ولعل الوجه في اختلاف التحدي بالقرآن تارة بمثله ، وأخرى بعشر سور من مثله ، وثالثة بسورة من مثله اختلاف أشخاصهم فبعض ادعى الإتيان بالمثل ، وبعض ادعى الإتيان بعشر سور مثله ، وبعضهم ادعى الإتيان بسورة مثله ، أو لأجل اختلاف الأزمنة ففي أوائل البعثة اتفقوا على الإتيان بالمثل وبعد ظهور العجز في الجملة ادعوا الإتيان بعشر سور مثله وبعد استقرار العجز تحدوا بإتيان سورة من مثله.
وما يقال : من أنّ المتحدي (بالكسر) هو الله تعالى في جميع معجزات الأنبياء خصوصا معجزة خاتم الأنبياء المعجزة الدائمة الأبدية ، أو أنّه النبي من قبل الله تعالى فيرجع إليه سبحانه أيضا والمتحدّى به في المقام إما هو القرآن أو النبي الصادر منه المعجزة والمتحدى منه هو عامة الخلق ولا بد من السنخية في الجملة بين المتحدي (بالكسر) والمتحدى منه فالملك الجليل العاقل لا يتحدى مع سواد الناس في شيء ، وكذا لا بد منها بين المتحدي (بالكسر) والمتحدى به فمن كانت لديه جوهرة نفيسة منحصرة بالفرد في العالم كله ليس