العلوم الاجتماعية أم الاقتصادية والإنسانية ومطلق العلوم التكاملية. وكيف لا يكون كذلك فإن علم القرآن بجميع جهاته ينتهي إلى علمه تعالى وهو راجع الى ذاته الأقدس غير المتناهية من كل جهة ، فمن تصور القرآن بهذا النحو من التصور يجزي نفس تصوره عن التحدي بالنسبة إليه فهذا الموضوع من الموضوعات التي يكفي الالتفات في الجملة لمقام ثبوته عن إقامة الدليل على إثباته ، وسيأتي تفصيل المقال في مبحث علمه تعالى إن شاء الله تعالى.
إن قلت : إنّ جملة كثيرة من العلوم والاكتشافات العصرية مما لم يشر إليها في القرآن العظيم مع أنها من أهم مفاخر الإنسان (فإنّه يقال) : إن الذكر والإشارة أعم من أن يكون على نحو الكلية والإجمال أو الجزئية والتفصيل ، وجميع ذلك مما اكتشف مذكور في القرآن بنحو الكلية وإن لم يلتفت إليها إلّا بعد مدة وإن كان العلم بها مخزونا عند أهله. فيستفاد الحركة الجوهرية ـ التي اكتشفوها ـ من قوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) [سورة النمل ، الآية : ٨٨]. كما أنهم اكتشفوا التلقيح بالرياح ، ويستفاد ذلك من قوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) [سورة الحجر ، الآية : ٢٢]. واكتشاف حركة الأرض من قوله تعالى : (جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) [سورة طه ، الآية : ٥٣] ووجود موجودات في السماء من قوله تعالى : (وَالسَّماءَ بِناءً) [سورة البقرة ، الآية : ٢٢] إلى غير ذلك من العلوم مما لا يسع المقام ذكرها.
إعجاز القرآن في العلم بالغيب :
يحتوي القرآن الكريم على كثير من علوم الغيب فهو المخبر عما جرى على الأمم الماضية في عالم الفناء بأصدق بيان قال تعالى : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) [سورة يوسف ، الآية : ١٠٢] كما أخبر عن أمور لم تكن في عصر التنزيل وما يحدث في عالم الدنيا ، ويخبر أيضا عما يجري ويحدث في عالم البقاء ، لأنه من مظاهر علمه تعالى الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات والأرض. فالقرآن من الغيب ، لأنه من الله عزوجل