والنفاس ـ والخلقية كالمكر ، وسائر مساوئ الأخلاق ومستكملات بكل المحامد الجسمانية والنفسانية ، وما ورد في بعض الأخبار أنهنّ مطهرات من الحيض والنفاس إنما هو بيان لبعض المصاديق.
قوله تعالى : (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ). سيأتي معنى الخلود في قوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [سورة هود ، الآية : ١٠٨].
بحث دلالي :
ذكر سبحانه في هذه الآية الارتزاق الفردي أولا ، ثم أوكل معرفة ذلك الرزق إلى نفس المنتفعين منه ثانيا في قوله تعالى : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) ، ثم ذكر الأزواج والاجتماع الجنسي ثالثا وإنما أخره عن الرزق ، لتقدمه على الاجتماع الجنسي تكوينا. وحصر موارد الارتزاق في الثمرات رابعا لجريان نظام التكوين عليها في النشأتين. فهو سبحانه قد بين ؛ كما أن بقاء الإنسان في هذا العالم بالارتزاق كذلك له دخل في تلك النشأة أيضا ولكن لا يعلم أنه دخل بقائي ـ كما في هذا العالم ـ أو دخل تلذذي والبقاء مستند إلى شيء آخر.
إلّا أن يقال : إنّه لا وجه لاستناد البقاء في الآخرة إلى الارتزاق ، لأن الارتزاق من الثمرات في الدنيا إنما هو لأجل الحركة وتحلل قوى الإنسان ، وليس الأمر كذلك في الآخرة.
ولكن يمكن الجواب عنه : بأنه لا وجه لنفي الحركة عن أهل الجنّة والنار لأن بعض لوازم الجسم لا تتغير في جميع النشآت والمفروض ان المعاد جسماني ، كما يأتي وحينئذ يثبت التحلل لهم ، لأنه من لوازم الحركة. نعم ليس لهم فضلات الجسم كالعرق والبول ونحوهما. بل ليس كل تغذية تكون لأجل التحلل كتغذية الجنين في الرحم.
ثم إنّه تعالى ذكر الجنّات بلفظ الجمع ويحتمل فيه وجهان :
الأول : أن يكون لكل واحد منهم جنات.