المباشري الصادر منه (صلىاللهعليهوآله) ، وسيأتي في البحث الروائي ما يفيد المقام.
ومجمل القول في الجبر ومذاهبه أنه لم يصادم العقل والنقل فقط ، بل هو مستلزم لنفي الحسن والقبح العقلي المتفق عليهما بين العقلاء. كما أنه يلزم منه نفي الثواب والعقاب الثابتين في جميع الشرائع الإلهية بل يلزم منه تجويز الظلم والجور على الله تعالى إلى غير ذلك من المفاسد.
ولو لا ظهور بعض كلمات القوم في التعميم لأمكن حمل بعضها على ما لا دخل للاختيار فيه ـ كالعزة والذلة ، والغنى والفقر. ولأمكن حمل الجبر في قولهم على الجبر الاقتضائي ، يعني أنّ مقتضى الإرادة القاهرة الأزلية الإلهية أن لا تكون في البين إرادة غيرها ، ولكنه تبارك وتعالى جعل للإنسان بل لمطلق الحيوان إرادة في الجملة لمصالح كثيرة ، فالجبر الاقتضائي لا ينافي الإختيار الفعلي من العبد.
التفويض :
قد عرفت أن المراد من التفويض المنسوب الى المعتزلة هو كون الأفعال مختارة باختيار العباد بلا دخل لاختياره تعالى وأنها تنسب إلى العباد بالحقيقة وإلى الله تعالى بالمجاز وأنه لا تكون أفعال العباد مورد إرادة الله تعالى.
واستدلوا على ذلك بأنه إذا لم يكن الإنسان موجدا لأفعاله لا يصح تكليف العباد ولا المدح والذم ولبطل الثواب والعقاب ، وللزم منه الجبر ، مع أنه لا يصح أن تكون السيئات والأفعال القبيحة موردا لإرادته تعالى.
والجواب عن ذلك يظهر من بيان الأمر بين الأمرين.
وقد احتجوا ببعض الآيات الكريمة ، فإن قسما منها تدل على كون الإنسان هو الفاعل لأعماله كقوله تعالى : (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ)