مانعا ، وإن ائتمروا بمعصية فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل ، وان لم يحل وفعلوا فليس هو الذي أدخلهم فيه».
أقول : المراد أن إرادة الصرف عن مراد العبد من الله تعالى وهو محسوس لكل أحد ، فكم من مريد لشيء يصرف عن إرادته وكم غير مريد يصادفه ما يشتهيه وهذه هي المنزلة بين المنزلتين.
وعن الصادق (عليهالسلام): «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين الأمرين»
أقول : تقدم ما يتعلق بكل واحد منها.
وعن الرضا (عليهالسلام): «القائل بالجبر كافر ، والقائل بالتفويض مشرك ، والمراد من الأمر بين الأمرين هو وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا ، وترك ما نهوا عنه ، والإرادة والمشية من الله تعالى في ذلك بالنسبة إلى الطاعات الأمر بها والرضا لها ، وبالنسبة إلى المعاصي النهي عنها ، والسخط لها والخذلان عليها ، وما من فعل يفعله العباد من خير ، أو شر إلّا ولله فيه قضاء ، والقضاء هو الحكم عليهم بما يستحقونه من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة».
أقول : أما أن القائل بالجبر كافر فلأنه نسب إلى الله تعالى الظلم ، ومع ذلك يعاقب العبد عليه. وأما أن القائل بالتفويض مشرك فلأنه أثبت إرادة مستقلة في مقابل ارادة الله تعالى. وأما ما ذكره (عليهالسلام) في تفسير المنزلة بين المنزلتين فهو من باب المثال ، وإلّا فهو عام لجميع الأفعال.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) النقض : هو الفت والفك والفسخ ، ولا يستعمل غالبا إلّا فيما فيه القوة واستعداد البقاء ، قال تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) [سورة النحل ، الآية : ٩٢] ، ويتعلق بالميثاق أيضا لأجل كونه محكما يعسر نقضه قال تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) [سورة المائدة ، الآية : ١٣].
والعهد : حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال ، وهذه المادة في أية هيئة