استعملت تفيد الالتزام ، والثبات ، والعزيمة.
والمراد بالميثاق : ما يوثق به الشيء ، كالميقات لما يتحقق به الوقت. ويجوز أن يضاف الميثاق إلى الله تعالى ، إذ لا يتصور عهد أوثق مما عاهد به الله تعالى عباده ، كما يجوز أن يضاف إلى العباد وهم الذين قبلوا عهد الله تعالى ظاهرا ثم نقضوه ، فيكون المراد من بعد ما أوثقوه. ويصح الحمل على العموم الشامل لجميع ذلك.
والمعنى : إنّه لما وصف الضالين بالفسق أراد سبحانه وتعالى بيان حال هؤلاء الفاسقين الضالين فذكر لهم أوصافا ثلاثة : هي نقض العهد ، وقطع ما يجب أن يوصل ، والإفساد في الأرض. والمراد بالعهد ما عاهد تعالى به على أنبيائه من المعارف والشرايع الراجعة إلى تربية العباد ، وهو من أعظم العهود الموثقة من قبله تعالى بالحجج والبراهين.
ويصح ان يراد به الأعم من ذلك ومن العهد الفطري الموثق بالعقل الذي هو أعظم حجج الله تعالى ، فالمراد بنقض العهد عدم الوفاء به قولا ، أو عملا ، أو اعتقادا كما هو وجداني.
قوله تعالى : (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ).
صلة كل شيء بحسبه. والمراد بالأمر الأعم من التكويني والتشريعي فصلة العقيدة بالله ورسله جعلها راسخة في النفس ، وصلة الأحكام الإلهية التكليفية العمل بها والمواظبة على إتيانها ، وصلة النبي الأعظم (صلىاللهعليهوآله) هو الاهتداء بهديه ، والعمل بما جاء به من ربه وصلة الرحم التآلف والتودد معه ، وكذلك صلة المؤمنين بعضهم مع بعض ، وصلة الأمور التكوينية معرفة منافعها ، ومضارها ، ونتائجها المترتبة عليها. وتشمل الآية الشريفة جميع ذلك ؛ والتفرقة ـ ولو في الجملة ـ نقض لعهد الله تعالى وميثاقه ، وقطع للصلة ، فمن أنكر الله أو صفاته فقد قطع ما أمر به أن يوصل ، ومن أنكر النبوة وما جاء به الأنبياء فقد قطع ما أمر به أن يوصل من هذه الجهة.
قوله تعالى : (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ). الفساد خلاف الصّلاح وهو