أعم من الفردي والاجتماعي. ، وذكر الأرض قرينة للحمل على الأخير. والإفساد في الأرض هو إضلال الناس ، مثل الظلم ، والغيبة ، وسيأتي بيان ذلك في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ). نتيجة واضحة للمقدمات المذكورة ، فإن من اتصف بهذه الصفات فقد استحق الخزي في الدنيا ، وعذاب الآخرة ، وهذا هو الخسران المبين ، إذ لا معنى لنقض العهد ، أو قطع ما أمر الله به أن يوصل ، أو الفساد إلّا الخسران المبين.
بحث روائي :
عن ابن عباس : «لما ضرب الله سبحانه هذين المثلين للمنافقين يعني (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) وقوله تعالى : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) قالوا «إنّ الله أجل وأعلى من أن يضرب الأمثال فأنزل الله تعالى هذه الآية».
وفي رواية أخرى عنه أيضا : «إنّه لما ذكر الله تعالى آلهة المشركين فقال ؛ (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت ، قالوا : أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد أي شيء يصنع؟ وضحكت اليهود ، وقالوا : ما يشبه هذا كلام الله؟ فأنزل الله هذه الآية».
أقول : قد تقدم أن ذلك من باب التطبيق.
(كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩))
ذكر سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين حال الإنسان من مبدأ خلقه إلى ما يؤول اليه أمره ، وأنّ جميع ما في الأرض مخلوق لأجله ومعدّ له ليتمتع بما فيها ، وإنما قدم التوبيخ والملامة على التفضل والعناية لبيان أن كل ما يكون للإنسان من المراتب والأطوار إنما هو من تفضّله تعالى ، لا من اقتضاء