والإحداث. والخلافة هي النيابة عن الغير إما لقصوره ، أو زواله أو للتشريف والتشريع والإبلاغ ، وخلافة أنبياء الله تعالى وحججه من القسم الأخير ، وللعلماء في جعل الخلافة في الأرض قولان :
الأول : إنّ الله تعالى جعل آدم خليفة عن نوع آخر كان في الأرض ذهب الله تعالى بهم بعد أن أفسدوا ، وسفكوا الدماء ، واستدلوا بقوله تعالى : (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ) [سورة يونس ، الآية : ١٤] ومن سؤال الملائكة قياسا على ما مضى.
الثاني : إنّ الله جعل آدم خليفته في الأرض ، كما يشهد له قوله تعالى : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) [سورة ص ، الآية : ٢٦].
والحق أن يقال : إن المستخلف عنه في المقام الأعم مما ذكروه ، فإن الإنسان فيه جهتان : جهة البدن والجسم ، وجهة الروح ، وهو مزيج منهما فقد تعلق جعله تعالى بآدم من جهتين الجسمانية حيث باشر تعالى بنفسه في خلقه ، ونفخ فيه من روحه ، فيكون من هذه الجهة خليفة عن غيره تكوينا ، وأما الجهة المعنوية فقد تعلقت الإرادة الإلهية بجعله خليفة ، كما تعلقت بجعل داود خليفة في الأرض ، ويشهد لذلك ما استفاض عن الأئمة الهداة (عليهمالسلام): «إن أول مخلوق على وجه الأرض هو الحجة ، وآخر من يموت هو الحجة» فتكون الخلافة لآدم (عليهالسلام) من حيث نبوته ، وكونه حجة الله خلافة شخصية ، ومن حيث كونه آدم أبا البشر نوعية ، كما يدل عليه قوله تعالى : (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) إذ لكل طبقة لاحقة خلافة تكوينية بالنسبة إلى الطبقة السابقة في دار الكون والفساد ، فتكون الخلافتان متلازمتان.
قوله تعالى : (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ). المراد من الفساد المعنى الأعم الشامل للفساد الشخصي والنوعي ، ومن الأول ارتكاب المناهي الإلهية ، ومن الثاني النفاق.
وسفك الدماء : إراقتها بغير حق. والتسبيح التنزيه عن صفات الممكنات ، ومعنى نسبح بحمدك أي : ننزهك عن النقائص ، مقرونا بالثناء