[سورة الكهف ، الآية : ٦٥] ، وقال جلّ شأنه : (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) [سورة النساء ، الآية : ١١٣] ، وقال سبحانه وتعالى : (وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٥١] ، وقال تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٨٢].
والمستفاد من الجميع هو إلقاء المعلم حقيقة ما يريده من العلم إلى الطرف بنحو الإلهام أو الإشراق ـ كما يحكى عن الفلاسفة الإشراقيين ـ دفعة واحدة أو بالتدريج ، بلا فرق في ذلك بين أن لا يكون سبب ظاهري ، أو كان ذلك ، كما في قوله تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ) [سورة المائدة ، الآية : ٣١].
وظاهر الآية المباركة أن التعليم كان مباشريا من الله تعالى بلا واسطة ملك. وكيف لا يكون كذلك وقد اقتضت العناية الإلهية الاهتمام بأول خليقته والمصنوع بيمينه ـ وكلتا يديه يمين كما في الأحاديث ـ والنفخ فيه من روحه كل ذلك ينبئ عن السر العظيم والحكمة التامة في هذا الإنسان فميزه عن سائر خلقه بهذا المقام الخطير بأن علمه ما لم يعلم ، وجعل في نسله هذه القوة العلمية فكان في ذريته الأولياء الذين أشرقوا العالم بأنوار المعارف الإلهية وتفرع عن هذا الأصل جميع العلماء والعقلاء الذين سخروا العالم بعلمهم ودبروا البلاد بعقلهم.
ولم يكن هذا العلم مقتصرا على ألفاظ ومسميات خاصة وهو في هذا المقام العظيم والمنصب الرفيع فقد تعلم كل المعارف الإلهية وماله دخل في استكمال الإنسان في النشأتين ، كما أن التعليم شمل أسرار القضاء والقدر وخواص الأشياء ومنها خواص النبات وعرف موجبات الفرح والسرور وأسباب الحزن والكدر فإن آدم وسائر حجج الله سفراؤه في الأرض ولا بد وان يكون السفير مطلعا على دار سفارته ، ولعل منها ما حكاه الله تبارك وتعالى في قوله : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) [سورة طه ، الآية : ١١٥] فأخبره تعالى بوقوع هذه الحادثة العجيبة منه لكثرة أهميتها في النشأة الدنيوية وسيأتي في البحث الروائي وغيره مزيد بيان.