ولفظ «آدم» سواء كان لفظا عربيا ـ من الأدمة بمعنى السمرة أو من أديم الأرض وهي ظاهرها ـ أو غير عربي ، سهل في النطق وذلك يكشف عن وجود الأنس بين ذريته ولعله لذلك سمي إنسانا لأن الانس من طبعه وفي جبلته أو لكونه وسطا بين الإفراط والتفريط كما أن السمرة وسط بين السواد المحض والبياض كذلك ، والظاهر أن اطلاق هذا الاسم عليه كان من الله تعالى من حين الخلقة لا حين نزوله الى الأرض فهو باسمه وجسمه وروحه مضاف إلى الله تعالى إضافة خاصة.
قوله تعالى : (الْأَسْماءَ كُلَّها). الأسماء جمع اسم وله معان :
الأول : اللفظ الخاص المعروف في مقابل الفعل والحرف مثل سماء ، وأرض ، وبحر ، ونهر الى غير ذلك مما هو في ازدياد على مر العصور ، فيكون التعليم من مجرد اللفظ فقط بلا توجه من المتعلم الى المعنى أبدا ، لا فعلا ولا بعد ذلك ، وهذا يعد من اللغو في المحاورات المتعارفة بين الناس ، فيكون قبيحا بالنسبة إليه تعالى وهو محال ، لاستحالة كل قبيح عليه عزوجل.
الثاني : الأسماء من حيث كونها آلة للتعرف على المسميات والمعاني فتتحقق الإفادة والاستفادة ، كما هو شأن تعلم اللغة التي بها امتاز الإنسان على سائر الخلق ، قال تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) [سورة الرحمن ، الآية : ٢].
الثالث : المراد من الأسماء ذوات المسميات ، وحقائق الأشياء لوجود خاصية الاسم فيها ، لأن الاسم ما أنبأ عن المسمى ، وجميع تلك الحقائق تنبئ عن آيات الله وجلاله وجماله. أو للترابط الوثيق بين الدال والمدلول بحيث إذا أطلق أحدهما انتقل الذهن إلى الآخر ، كما تقدم.
والظاهر هو المعنى الأخير ، ويتحقق المعنى الثاني لا محالة ، فإنّ المناسب من تعليم الله تعالى آدم الأسماء من حيث كشفها عن حقائق المسميات وجواهرها ، وأعراضها ، ومجرداتها ، ومعرفة ذواتها وخواصها وصفاتها ، فكما أن آدم أبا البشر في مقام الأبوة والبنوة الإضافية صار أصلا لهم