الخلافة الإلهية وأسماء الخلفاء ليكون آدم على بصيرة من أمره من أن الأرض أرضه ، والبشر نسله ، والخلفاء من ذريته ولا سيما سيدهم (صلىاللهعليهوآله) وهذا مما لا ريب فيه فقد روى الفريقان عنه (صلىاللهعليهوآله): «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين» فهو (صلىاللهعليهوآله) مقدم على آدم علما وإن كان مؤخرا خارجا.
قوله تعالى : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ). العرض هو الإظهار على الغير لغرض فيه قال تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [سورة الأحزاب ، الآية : ٧٢] ، وقال تعالى : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا) [سورة الكهف ، الآية : ٤٨]. فإذا عدي بالهمزة يكون بمعنى الإدبار والتولي ، كقوله تعالى : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٩٩] وقوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) [سورة السجدة ، الآية : ٣٠].
والمراد بالعرض على الملائكة توجيه نفوسهم ، والاطلاع على تلك الأشياء إما إلى أعيانها إن كانت موجودة أو أمثالها المحدثة بإرادة منه عزوجل إن لم توجد في الخارج.
وذكر خصوص من يعقل من باب التغليب أو الأفضل كما تقدم ، أو لأجل بيان أن المراد الأصلي إنما هو ذوو العقول ولا سيما الكاملين منهم ، أو لأجل أن جميع موجودات هذا العالم من جماده ونباته وحيوانه له عقل وشعور في عالم الغيب ، وإن خفي ذلك علينا ، ويشير إليه قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [سورة الإسراء ، الآية : ٤٤] ، وهذا العالم يسمى بعالم الروحانيين ، وعالم الأشباح والأظلة وبالملكوت الأسفل ، فيكون معنى عرضهم على الملائكة رفع بعض حجب الغيب عنهم ، وفي هذا العالم تكون خزائن الله التي يقول جلّ شأنه فيها : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) [سورة الحجر ، الآية : ٢١].
وبالجملة : حجب الغيب كثيرة ، وتحت كل حجاب عالم من العوالم لا