الكون بعلمه ولم يخلق الله تعالى العالم إلّا له ، كما يأتي ذلك في الآيات الكثيرة ؛ فمبدأ الخلق إنما هو من العلم وغايته للعلم وتدبيره إنما هو بالعلم ، فالجهل والجهلاء بمعزل عن مبدإ الخلق وغايته وتدبيره ويكون كالجزء الفاسد من العالم ، ويأتي شرح هذا العلم وتفصيله في الآيات المستقبلة إن شاء الله تعالى.
ومن هذه الآيات المباركة يستفاد فضل آدم (عليهالسلام) على الملائكة ، لأن الله تعالى جعله معلما للملائكة وفضل المعلم على المتعلم واضح.
وتعليم الأسماء لآدم (عليهالسلام) بمنزلة كتاب سماوي أنزله الله تعالى على آدم (عليهالسلام) وبه تحدى الملائكة فأظهروا العجز والقصور ، كما جعل الكلام العربي معجزة لنبيّنا الأعظم محمد (صلىاللهعليهوآله) ، ويأتي التفصيل في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.
ويمكن أن يستفاد من الآيات الشريفة أن هذه المحاورة إنما كانت بين الله تعالى وبين ملائكة الأرض الذين وكّلوا في شؤونها ، وكان قد خفي عليهم وجه الحكمة في خلق آدم (عليهالسلام) دون غيرهم من ملائكة السماء وعظمائها كالكروبيين وحملة العرش ، وإن كان الإطلاق يقتضي ذلك إلّا أن الإعتبار يقتضي الأول ، كما سيأتي في البحث الروائي فإن المراجعة إنما كانت في الأرض ، لا في السماء وإنّ آدم (عليهالسلام) خليفة الله خلق من الأرض ـ لأنه من طين ومن حمإ مسنون ـ وفي الأرض لأنه خليفة الله في الأرض وللأرض كما هو شأن جميع الأنبياء والرسل ، فلا وجه لتوهم كون الخلق في السماء إلّا قوله تعالى : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً) وبعض الأخبار ، وسيأتي ما يتعلق بذلك.
بحث روائي :
في تفسير العياشي عن الصادق (عليهالسلام): «ما علم الملائكة بقولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ لو لا أنهم قد كانوا رأوا من يفسد فيها ويسفك الدماء».