الْأَسْماءَ كُلَّها) في نشأة اللغة عند الإنسان بعد معلومية انتهائها إلى الله عزوجل ، فإنه المفيض عليهم هذه النعمة ـ كما في سائر نعمه عزوجل ـ بإلهام منه تعالى مباشرة ، أو بالتعليم.
والوجوه المحتملة كثيرة وقال بكل منها جمع وهي :
الأول : أنّها كانت من مجرد أصوات ذات دلالات وضعية فقط فتعدت عن تلك المرتبة بالتكرار حتّى وصلت إلى مرتبة الدلالة الاستعمالية فصارت ألفاظا خاصة كاشفة عن معان مخصوصة.
الثاني : أنّها كانت من ألفاظ ذات دلالات وضعية منشؤها الفطرة الإنسانية ، كالألفاظ التي يستعملها الصبي غير المميز ، أو تستعمل له فتعدت بكثرة الاستعمال عن تلك المرتبة إلى المرتبة الكاملة ، كما هو مقتضى السير التكاملي في كل شيء. ولا يخفى بعد هذين الوجهين عن الآية الكريمة ، مضافا إلى ما فيهما من التعسف.
الثالث : أنّها مركبة من الوجهين في بدو الأمر ؛ فحصل التكامل بما يحصل التكامل في سائر الأشياء. ويرد عليه ما أورد على الوجهين السابقين.
الرابع : أنّها حصلت أصولها بتعليم الله تعالى ، والبقية بنحو ما مر.
الخامس : أنّها حصلت جميعها بتعليم الله عزوجل لآدم فانتشرت في ذريته بحسب مقتضيات الأزمنة والأمكنة.
والوجه الأخير وإن كان يلائم المستفاد من الآية الكريمة ، وبعض الأخبار التي تقدم ذكرها في البحث الروائي. فإن الجمع المحلى باللام المفيد للعموم في «الأسماء» وتأكيده بلفظ «كل» الواقعين في الآية الكريمة يشملان جميع الأسماء الواقعة في سلسلة الزمان إلى انقراض العالم ، وفي جميع اللغات واللهجات ، وقد أحاط بها آدم (عليهالسلام) إحاطة فعلية.
وهو وإن لم يكن من قدرة الله تعالى ببعيد ، ولكنه مشكل جدا وبعيد من الأذهان ، ولو كان الأمر كذلك لكانت معجزة آدم (عليهالسلام) أجلى وأرفع من معجزات جميع الأنبياء.