كما أنّ هذه الآيات وغيرها مما ورد في قصة آدم (عليهالسلام) تدل على أن هؤلاء الثلاثة كان يرى أحدهم الآخر قبل الهبوط قال تعالى : (إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ) [سورة طه ، الآية : ١١٧] ، وقال تعالى : (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٢١] ، وقال تعالى : (قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ) [سورة طه ، الآية : ١٢٠] وغير ذلك من الآيات والروايات ، وأما بعد الهبوط فلا يراه إلّا بعض أنبياء الله تعالى وأوليائه.
قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ). التلقّي : القبول والأخذ بعد البيان والذكر. والمراد بالكلمات هنا كل ما يكون له أثر في رفع الحزازة الحاصلة من المخالفة ، فهي راجعة إلى إظهار توبته ، وندامته ، واستغفاره ، ويمكن تطبيقها على الدعوات التي ألهمها الله تعالى لآدم (عليهالسلام) ، كقوله عزوجل : (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٢٣] وغير ذلك مما يأتي في الروايات ، فإنه يكون من باب التطبيق أيضا.
قوله تعالى : (فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
التوب : هو الرجوع. فإذا وصف به الله تعالى يكون إما بمعنى إلهام التوبة إلى العبد وتوفيقه لها ، أو بمعنى رجوع الله وإقباله على العبد بعد مخالفته وعصيانه. وإذا وصف به العبد يكون بمعنى الندم عما فعل ، وعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله): «كفى بالندم توبة» ولا يلزم أن تكون التوبة من الذنب ، بل تصح عن التوجه إلى غير الله تعالى ولو كان مباحا فإن «حسنات الأبرار سيئات المقربين».
وكل توبة من العبد تلازم أمورا ثلاثة : الأول ـ توفيق الله عبده للتوبة برجوعه تعالى عليه بعد العصيان ، قال تعالى : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [سورة التوبة ، الآية : ١١٨].
الثاني : توبة العبد وندمه عن المعصية.
الثالث : قبوله تعالى توبة العبد ، ويأتي تفصيل ذلك في الآيات المباركة المناسبة لها.