قوله تعالى : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). جملة خبرية في مقام الإنشاء ، يعني أنّ من اتبع هدى الله تعالى ينبغي أن لا يخاف من غيره ، ولا يحزن لما فات عنه ، لأنّ متابعة العبد لهداية الله تعالى توجب انقطاعه اليه وهو يستلزم نفي الحزن والخوف عنه في الدارين ، ويشهد لذلك قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٧٧] ، وكذا قوله تعالى : (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة الأنعام ، الآية : ٤٨] إلى غير ذلك من الآيات المباركة ، هذا من جهة المتابعة. وأما من جهة العبودية فيعرضه الحزن ، لأنه ما بين الخوف والرجاء ، كما في كثير من الروايات.
والمراد بالهداية في هذه الآية المباركة جميع الشرائع السماوية كل بحسب زمانه وعصره. والمراد من المتابعة هنا الالتزام بها عملا واعتقادا.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). مادة كفر في مطلق استعمالاتها تدل على الستر ـ كما تقدم ـ سواء أكان متعلقه أصل الإيمان أم الطاعة فيساوق الفسق من هذه الناحية ، أم عن الشكر فيساوق الكفران. والتكذيب خلاف التصديق ، وكل منهما أعم من القول والفعل. وآيات الله علاماته كتوحيده وعبادته ومعاده من حيث الثواب والعقاب فيثبت بتكذيب كل واحد منها كفر الجحود. وإنما ذكر تعالى الكفر الخاص أي التكذيب بعد العام أي مطلق الكفر ، لينبه على الجحود الذي هو موجب للخلود في النار.
ثم إنه يستفاد من مجموع الآيات الواردة في خلق آدم (عليهالسلام) هنا ، وفي سورة الأعراف ، وسورة طه أن له مراحل عشرة ولا تخلو ذريته عنها أيضا.
الأولى : مرحلة ما قبل نفخ الروح وهي بمنزلة الجنين في سائر أفراد الإنسان.
الثانية : مرحلة نفخ الروح وهي بمنزلة تكريم المولود وهي حالة اعتناء