هم ـ ثم قال (عليهالسلام) ـ وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل البر ، والعنب ، والتين ، والعناب وسائر أنواع الثمار والفواكه والأطعمة. فلذلك اختلف الحاكمون لذكر الشجرة ، فقال بعضهم : هي برة ، وقال آخرون : هي عنبة ، وقال آخرون : هي تينة ، وقال آخرون : هي عنابة».
أقول : أما ذيل الحديث فيؤيد ما قلناه : من أن الشجرة كانت مثالا للدنيا وما فيها بحسب الوجود المثالي. وأما صدره فيمكن حمله على أن لبعض تلك الأشجار نحو أثر خاص لم يظهر ذلك إلّا لبعض أولياء الله تعالى ، كما يدل عليه ما ورد في بعض أخبار الطينات.
في العيون عن عبد السلام بن صالح الهروي : «قلت للرضا (عليهالسلام) : يا ابن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء ما كانت؟ فقد اختلف الناس فيها ، فمنهم من يروي أنها الحنطة ، ومنهم من يروي أنها العنب ومنهم من يروي أنها شجرة الحسد؟ فقال (عليهالسلام) : كل ذلك حق. قلت : فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال يا ابن الصلت : إنّ شجرة الجنّة تحمل أنواعا ، وكانت شجرة الحنطة وفيها عنب وليست كشجرة الدنيا».
أقول : لا ريب في أن تلك الجنّة ولو كانت من الدنيا لها خصوصية ليست تلك الخصوصية في جميع جنات الدنيا ، ومن جهة قلة التزاحم والتنافي في تلك الجنّة أو عدمهما ، فيصح أن تحمل شجرة منها أنواعا من الثمار ، فلا تنافي بين هذه الرواية وبين ما قلناه سابقا ، وقد دلت روايات أخرى متعددة على أنها شجرة الحنطة ، ولا تنافي ما تقدم.
في الكافي عن أبي الحسن (عليهالسلام): «إن لله إرادتين ومشيتين : إرادة حتم وإرادة عزم ، ينهى وهو يشاء ، ويأمر وهو لا يشاء. أو ما رأيت أنه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك ، ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلب مشيتهما مشية الله؟!! وأمر إبراهيم أن يذبح إسماعيل ولم يشأ أن يذبحه ولو شاء لما غلبت مشية إبراهيم مشية الله».
وفيه أيضا عن أبي عبد الله (عليهالسلام): «أمر الله ولم يشأ وشاء ولم