الظاهرة في الإرشاد ، كما في المقام.
بحث فلسفي
صريح الكتب السماوية وفي مقدمتها القرآن العظيم وجميع الفلاسفة الإلهيين من المسلمين وغيرهم على بديع صنع الله في الإنسان وأنه مخلوق حادث خلقه الله تعالى من الطين بهذه الهيئة المتميزة عن سائر المخلوقات استقلالا من دون أن يكون مرتقيا من مخلوق آخر ـ نباتا أو حيوانا ـ وتقتضي ذلك قاعدة «إمكان الأشرف» التي أسسها الفلاسفة في سلسلة الخليقة ، فإن أقرب الموجودات إليه تعالى وأشرفها لديه لا بد وأن يقع في سلسلة الفيوضات الإلهية الأول فالأول عند نزول الفيض منه عزوجل حتّى يصل المستفيض إلى أدنى مرتبة الحضيض ، إذ لا ريب في أنه تعالى كامل بذاته وصفاته وفعله فلا يتصور نقص في جهة من جهاته عزوجل.
وما يتوهم من النقص في الأفعال يرجع إلى أمرين :
أحدهما ـ عام للجميع ، وهو الإمكان ، والاحتياج ، فإنّ ما سواه ممكن محتاج إليه عزوجل.
والثاني : من خصوصيات أفراد الممكنات ، ومقتضى تمامية فعله تعالى أن يكون أول مخلوقاته أشرفها ثم بعد ذلك الأشرف فالأشرف في سلسلة الأنواع الكلية التي يكون نوعها منحصرا في الفرد حتّى يصل الخلق إلى الماديات التي هي منشأ التكثر والانتشار.
إن قلت : نعم قاعدة «إمكان الأشرف» متفق عليها بين الفلاسفة ـ المسلمين منهم واليونانيين ـ وتقتضيها جملة من الأدلة النقلية أيضا ولكنها مخالفة لظاهر الآية المباركة (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) [سورة البقرة ، الآية : ٣١] ، وظاهر جميع الكتب السماوية من خلق الدنيا ـ والمسميات ـ في الجملة قبل خلق آدم (عليهالسلام) كما عرفت في البحث الروائي السابق.
قلت : مورد القاعدة إنما هو فيما إذا كانت السلسلة واحدة ففي سلسلة