الضعيف ، وبقاء الفرد المستعد للكمال.
والمسلمون بل جميع المليين في غنى عن هذا القول بعد تصريح كتبهم المقدسة باستقلالية خلق الإنسان ، بل إنّ الطبيعة من جميع جهاتها مقهورة تحت إرادته وهو بديع السموات والأرض.
مع أن هؤلاء الفلاسفة أثبتوا للطبيعة اتفاقيات ونوادر فليكن هذا الخلق منها ، ولا محذور فيه كما في سائر الاتفاقيات.
كما أنّ داروين وأنصاره لم يبينوا لنا متى حصل هذا التحول في الإنسان ، وما هي الحلقة التي انتقل منها إلى الفرد الكامل.
مع أنّ لنا أن نتسائل منهم هل أن ذلك كان بحسب نظام الطبيعة فقط مع قطع النظر عن المدبر الحكيم والخالق العليم؟ وهذا محال ، لأن انقلاب نوع بعد تعينه النوعي ـ روحا وجسما ـ إلى نوع آخر مستحيل إلّا بالاستحالة ، ولا يقولون بها. أو بالتناسخ الذي أثبت الكل بطلانه.
إن قيل : إنّ مسألة النشوء والارتقاء لا تخرج عن مسألة الحركة الجوهرية التي أثبتها بعض أكابر محققي الفلاسفة.
يقال : بين المسألتين فرق كبير لا ربط لإحديهما بالأخرى ، كما يظهر بالتأمل وسيأتي شرح الأخيرة في مستقبل الكلام إن شاء الله تعالى.
إن قلت : إنّهم يدعون العثور على جماجم وعظام مضى عليها أكثر من مائة الف سنة الدالة على التطور في بعضها ، وهذا لا يناسب ما ضبطه أهل التواريخ والسير من جميع الفرق من المدة القليلة الماضية على هبوط آدم (عليهالسلام) إلى الأرض.
أقول : إنه لا بد وأن يتأمل في أصل الدعوى ؛ وعلى فرض الصحة يمكن أن يكون ما عثروا عليه من تلك الجماجم والعظام من الآدميين ما قبل خلق آدم (عليهالسلام) فإنه آخر الآدميين في العوالم الدنيوية وقبله آدم الى سبعين آدم كما في الحديث ، ولا يعلم مقدار تلك الأزمنة ولا مقدار الفاصل بين الآدميين ، ولا كيفيتهم إلّا الله تعالى.