، الآية : ٥٠] ، ومن الثاني قوله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ١٥٢] ، ومن الأخير قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٠٠] ، وكذا قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً) [سورة النساء ، الآية : ١٠٣] ، وفي الحديث : «كانت الأنبياء إذا حزبهم أمر فزعوا الى الذكر» وفي بعض الأخبار «الصلاة» بدل الذكر ، ويشهد له قوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) [سورة البقرة ، الآية : ٤٥].
والآية لم تعين هذه النعمة التي اختصهم الله تعالى بها ولكنه عزوجل كرّم بني إسرائيل بأعظم أنحاء النعم كما قال تعالى : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢١١] فجعلهم من أولاد الأنبياء ووسمهم بالوسام الجليل حيث جعلهم من ذرية إبراهيم الخليل وفضلهم على الأمم ، قال تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) [سورة المائدة ، الآية : ٢٠] ، واصطفاهم بالنبوة زمنا طويلا وفيهم من أنبياء أولي العزم موسى وعيسى (عليهماالسلام) ، وأنزل فيهم التوراة التي هي أقدم الكتب السماوية وأعظمها بعد القرآن الكريم قال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) [سورة الجاثية ، الآية : ١٦]. وبالجملة فقد أعطاهم الله تعالى من كل ما سألوه فلا بد أن يذكروا هذه النعم التي اختصوا بها ، ولكنهم قابلوا ذلك بالكفران والإساءة وأعرضوا عما أمروا به فكفروا بالنبي (صلىاللهعليهوآله) بعد ما جائتهم البينات.
قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ). الوفاء ضد الغدر ، وهو الحفظ والإتمام وعدم النقض ، وكثيرا ما يستعمل في القرآن متعديا من باب الإفعال كما في المقام ، وقوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) [سورة البقرة ، الآية : ١٧٧] ، ويستعمل من باب التفعيل أيضا ، وقال تعالى في شأن خليله : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [سورة النجم ، الآية : ٣٧] أي بذل غاية جهده في جميع ما طولب به من الله تعالى ، وهو من أجل مقامات الخلة.