والمنكر ، وأنها من أقوى الأسباب وأشدها تأثيرا في قضاء الحوائج وتيسير الأمور.
وإنما قدم تعالى الصبر على الصّلاة ، لأنها لا تقبل إلّا بالتقوى ، وهي لا تحصل إلّا بالصبر على ترك المحرمات ، فيكون من تقديم المقتضي [بالكسر] على المقتضى [بالفتح].
والآية على اختصارها تشتمل على جميع الكمالات الإنسانية الفردية والاجتماعية ، والعامل بها حائز لجميعها ولكثرة عظمة الأمر واحتوائه على المشاق قال تعالى : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) والضمير يرجع إلى الصّلاة فإنها شاقة وكبيرة عظيمة ، لأن الوقوف بين يدي الله تعالى مع الالتفات إليه صعب جدا إلّا على الخاشعين المخبتين لله الذين نبذوا جميع ما سواه وراء ظهورهم ، وأنهم في مقام الأنس بربهم فلهم به أشواق ، ومنه تعالى لهم جذبات فهانت عليهم متاعب الدنيا وصعابها.
والخشوع والخضوع هما التواضع والتذلل والمسكنة في مقابل الاستكبار ، وهما من الكمالات النفسانية منبعثان من القلب على الجوارح. ويفترق الأول عن الثاني في إطلاقه على الصوت والبصر ، قال تعالى : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) [سورة طه ، الآية : ١٠٨] ، وقال تعالى : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) [سورة القلم ، الآية : ٤٣] ويحصلان على القلب إما من الإخبات إليه تعالى والخشية منه ، أو من تصور عظمة الله تعالى والمداومة عليه.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ). وصف سبحانه الخاشعين بما يبين كثرة خوفهم ووجلهم منه عزوجل بحيث لا تستقر لهم حالة. والملاقاة هي وصول أحد الطرفين إلى الآخر ، والمراد بها هو لقاء أهوال يوم القيامة وشدائدها ، أو لقاء جزاء أعمالهم يوم الحساب ، أو الفوز بلقاء عظمة الله وجلاله الذي هو أجل المقامات التي هي دون حد الوجوب وفوق الممكنات وغير ذلك مما يمكن أن يقع مورد التلاقي المختلف باختلاف مراتب الكمالات المعنوية. وفيه تحبيب منه تعالى