(عليهالسلام): «الصبر صبران ، صبر على البلاء حسن جميل وأفضل الصبر الورع عن محارم الله» سواء أكان الصبر فيها مع تهيئة أسبابها ، أو مع إمكان التهيئة ، أو مع عدمهما معا ، والصبر عنها يدور مدار زوال حب النفس والهوى وترك متابعة الدنيا ، والأولان يرجعان في الحقيقة إلى ترك حب الدنيا ، بل يدور جميع مكارم الأخلاق مدار التجنب عنها ، ومذام الأخلاق مدار التقرب منها ، وقد تواتر عن نبينا الأعظم : «حب الدنيا رأس كل خطيئة» وعلامة تقوية الصبر وتضعيف حب الدنيا هي كثرة التفكر في الدنيا وفنائها وانها أقوى الحجب عن الوصول إلى المعنويات ، بل أصل الحجب الظلمانية عن المعارف الربوبية ، والأخلاق الإلهية.
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨))
كرر سبحانه وتعالى تذكيرهم بالنّعم عليهم ، إتماما للحجة ، وإثباتا لاستحقاقهم الطعن واللوم ، فإنهم مع كثرة نعم الله تعالى عليهم بالغوا في الجحود بالإسلام وإنكار ما جاء به النبي (صلىاللهعليهوآله) وقد اقترن في الآية السابقة الوعد بوفاء العهد لهم إن هم وفوا بعهده تعالى ، وفي هذه الآية قرنه سبحانه بالخوف عن عذاب الآخرة ، فجمع سبحانه بين الرجاء والخوف.
التفسير
قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ). تقدم معناه ، وهو تأكيد لما سبق وتمهيد لما يأتي ، ومثل هذه الآيات تدل على وجوب شكر المنعم ، وتحقق العصيان في كفران النعمة وكتمانها ، وخصوصية المورد لا توجب تخصيص الحكم العام ، فإن القرآن : «نزل على طريقة إياك أعني واسمعي يا جارة». كما قال علي (عليهالسلام).
قوله تعالى : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ). ذكّرهم سبحانه بهذه