الخاصة ـ منا عليهم ـ ولا ريب في أن ذلك من موجبات الرغبة لو كان المنعم عليه من أهل الرغبة إلى نعم الله تعالى.
التفسير
قوله تعالى : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ). مادة (ن ج و) تدل على الانفصال والانقطاع عن الشيء والخلاص منه. وقد استعملت هذه المادة في القرآن العظيم بهيئات مختلفة جامعها يرجع إلى ما ذكرناه.
والآل والأهل بمعنى واحد إلّا أن الأول أخص من الثاني ، لأنه لا يضاف إلّا لذوي القدر والشرف ، بخلاف الثاني فإنه يضاف إلى كل شيء وضيعا كان أو شريفا ، زمانا كان أو مكانا أو شيئا آخر. والجامع القريب بينهما هو الرجوع ، فآل الرجل من يرجع إليه في قرابة ، أو رأي ، أو نحو ذلك.
وفرعون لقب كان يطلق على كل من ملك مصر ـ كقيصر لملك الروم ، وتبّع لملك اليمن ، وخاقان لملك الترك ، وكسرى لملك الفرس ـ وفرعون كلمة غير عربية مركبة من لفظين مصريين (ير) و (عون) : أي البيت الأعظم ، فصارت علما لملوك مصر قبل الميلاد بأكثر من ألف سنة ، وهو مثل (الباب العالي) المستعمل في سلاطين آل عثمان ، وقد ورد هذا اللفظ في الكتب المقدسة كثيرا ، كما ورد في القرآن العظيم في ما يزيد على سبعين موضعا ، وقد ضبط التاريخ أسماءهم وصفاتهم ، وأعمالهم إلى أن ذهب الله تعالى بهم ، كما قال عزوجل : (وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٣٧].
قوله تعالى : (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ). السوم هنا الكلفة والمشقة ، فسامه أي : كلفه. وسوء العذاب ؛ أي أشقه وأذله والمعنى : أنّهم كانوا يذيقونكم كل ما يتصورون من المشاق والمتاعب الشديدة.
وقد وصف سبحانه وتعالى هذا العذاب تارة : بالبلاء العظيم فقال جلّ شأنه : (وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) [سورة