الكريم ، وتستعمل في الخير تارة : وهو كثير ، قال تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) [سورة المائدة ، الآية : ٩] وقال تعالى : (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) [سورة النساء ، الآية : ٩٥]. وفي الشر أخرى : كقوله تعالى : (النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [سورة الحج ، الآية : ٧٢]. وفيهما معا ثالثة : كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) [سورة فاطر ، الآية : ٥].
والإيعاد والوعيد يستعملان في الشر ، قال تعالى : (وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) [سورة ق ، الآية : ٢٨] ، وقال تعالى : (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) [سورة ق ، الآية : ١٤]. وخلف الوعد بالخير قبيح ولكن لا قبح في خلف الوعيد.
والمعروف بين الأدباء وتبعهم المفسرون ان كل واحد من الوعد وخلفه خير يتصف بالصدق والكذب وهو بالنسبة إلى خلف الوعد باطل ، لأنه من مقولة الفعل والعمل لا من مقولة اللفظ والقول إلّا أن يريدوا الإلحاق الحكمي لا الموضوعي. وكذا بالنسبة إلى نفس الوعد فإنه قد يستعمل في مقام الإنشاء لا الإخبار.
ثم إنّ المفسرين ذكروا تبعا لأهل اللغة أنّ المواعدة من الطرفين فلا بد من قيام المصدر بهما ، وقد ذكرنا في قوله تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ٩] أنّ أصل المفاعلة لا تدل إلّا لإنهاء المصدر إلى الغير سواء قام الغير بهذا الفعل أو لا ، ولا بد في تعيين ذلك من التماس القرينة.
ولما اجتاز بنو إسرائيل البحر ـ كما تقدم ـ سألوا موسى أن يأتيهم بكتاب من ربهم فواعده ربه فضرب له ميقاتا ، وقد ذكر الميعاد في القرآن الكريم في موارد ثلاثة هنا ، وفي آية ١٤٢ من سورة الأعراف ، وفي آية ٨٠ من سورة طه.
وكان مكان الميعاد هو الجانب الأيمن من طور سيناء قال تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) [سورة طه ، الآية : ٨٠].