مشركا ، لا ما إذا تاب وندم كما في عبدة العجل ، فإنّهم بقتل أنفسهم وتسليمهم لذلك ، وقبول توبتهم لم يبق موضوع للسؤال بعد ذلك لا في الدنيا ولا في الآخرة.
وربما يقال : إن بين قوله تعالى : (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). وبين قوله تعالى : (فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) تهافتا فإنه بعد عفوه تعالى عنهم لا يبقى مجال للتوبة. نقول : يؤخذ بكل منهما من جهة لا من جميع الجهات ، فإن كل مجتمع يقع فيه المنكرات ـ أصولا أو فروعا ـ أو هما معا ـ تتحقق أصناف ثلاثة : الأول : من يردع المنكر ويحاربه. الثاني : من يفعل المنكر ويأتي به. الثالث : من يهم بفعل المنكر ولم يفعله. والأول في هذه القضية كان منحصرا في موسى وهارون ، والثاني من اتخذ العجل إلها ، والثالث من همّ بالاتخاذ ولم يتخذه. والأخير مورد العفو ، والثاني مورد التوبة ، والأول هو الرادع الإلهي.
بحث روائي :
عن العياشي عن أبي جعفر (عليهالسلام) في قوله تعالى : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً) قال (عليهالسلام): «كان في العلم والتقدير ثلاثين ليلة ، ثم بدا لله فزاد عشرا ، فتم ميقات ربه الأول والآخر أربعين ليلة».
أقول : يأتي ما يتعلق بالنسخ والبداء تفصيلا إن شاء الله تعالى.
وفي تفسير العسكري : «لما فرج الله عن بني إسرائيل أمره الله عزوجل أن يأتي للميعاد ويصوم ثلاثين يوما ، فلما كان في آخر الأيام استاك قبل الفطر ، فأوحى الله عزوجل اليه : يا موسى أما علمت أن خلوق فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك صم عشرا أخر ولا تستك عند الإفطار ، ففعل ذلك موسى ، فكان وعد الله عزوجل أن يعطيه الكتاب بعد أربعين ليلة».
أقول : هذا نحو تحبّب واحترام بالنسبة إلى الصائم لئلا يشمئز أحد من خلوق فمه.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) : «أن موسى