(عليهالسلام) لما خرج الى الميقات ورجع إلى قومه وقد عبدوا العجل قال لهم : «(يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) ، فقالوا : كيف نقتل أنفسنا؟ فقال لهم موسى : اغدوا كل واحد منكم إلى بيت المقدس ومعه سكين ، أو حديدة ، أو سيف فإذا صعدت أنا منبر بني إسرائيل فكونوا أنتم متلثمين لا يعرف أحد صاحبه فاقتلوا بعضكم بعضا. فاجتمعوا سبعين ألف رجل ممن كانوا عبدوا العجل إلى بيت المقدس فلما صلّى بهم موسى (عليهالسلام) وصعد المنبر أقبل بعضهم يقتل بعضا حتّى نزل جبرائيل ، فقال قل لهم يا موسى ارفعوا القتل ، فقد تاب الله عليكم فقتل عشرة آلاف وأنزل الله تعالى : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
أقول : وقريب منه ما في تفسير العسكري ، وقد وقع القتل من غير العابدين للعجل على العابدين له بأمر من موسى (عليهالسلام) ، ويجوز للنبي أن يوكل بعض مقدمات القتل إلى من يشاء ، وكان ذلك توبة منهم. والحصر في العدد غير حقيقي فلا ينافي الحديث الآتي.
وفي الدر المنثور عن علي (عليهالسلام) في قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) الآية ـ قال (عليهالسلام): «قالوا لموسى : ما توبتنا؟ قال موسى (عليهالسلام) : يقتل بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أخاه وأباه وابنه والله لا يبالي من قتل حتّى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى مرهم فليرفعوا أيديهم وقد غفر لمن قتل ، وتيب على من بقي».
أقول : تقدم في الرواية السابقة وجه ذلك.
بحث فلسفي (عملي):
لا ريب في أنّ إفاضاته تعالى غير متناهية ، وليست هي محدودة بحد خاص ، والتحديد إنما هو في المفاض عليه فإن العطيات بقدر القابليات والإفاضات إنما هي محدودة بحدود الاستعدادات. وعلى هذا فإن المستفيض قد يشمله الفيض العام (مطلق الوجود) وقد يشمله الفيض الخاص ، كما أنه