وهذه الآية المباركة دليل على مذهب الإمامية من الرجعة ، واستدلوا بجملة من الآيات المباركة هذه إحداها ، ويأتي تفصيل ما ذهبوا اليه إن شاء الله تعالى.
وفي هذه الآيات إيماء إلى النهي عن التعمق في ذات الله جلت عظمته بل استحقاق العقاب عليه ، وقد وردت عن الأئمة الهداة (عليهمالسلام) في النهي عن التعمق في ذاته عزوجل روايات كثيرة ، فعن أبي جعفر (عليهالسلام): «تكلموا في خلق الله ولا تتكلموا في الله فإن الكلام في الله لا يزداد صاحبه إلّا تحيرا» ، وعن الصادق (عليهالسلام): «إنّ الله تبارك وتعالى يقول : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) فإذا انتهى الكلام إلى الله تعالى فأمسكوا».
قوله تعالى : (وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ). ذكر سبحانه وتعالى بعض نعمه التي منّ بها على بني إسرائيل وهي نعمة التظليل ، وذلك أنهم لما خرجوا من مصر وأرادوا الأرض المقدسة اجتازوا صحراء لا ظل فيها ولا شجر فكان يصيبهم حر شديد فشكوا إلى موسى (عليهالسلام) فأرسل الله تعالى إليهم الغمام لتظلّهم عن حر الشمس ، كما هو مذكور في التوراة.
والظل هو الستر وكلما يستر عن الضياء يسمى ظلا ، قال تعالى في وصف أهل الجنّة : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) [سورة المرسلات ، الآية : ٤١] والفيء أخص منه ، لاختصاص إطلاقه بما زالت عنه الشمس فقط ، وليس كل ظل هو فيئا. والغمام هو السحاب والقطعة منه غمامة ، وإنما سمي غماما ، لأنها تستر السماء فيصير معنى الغمام والظل والستر واحدا ويفرّق بالاعتبار ، وتظليل الغمام لهم إنما وقع في التيه.
قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى). هذه نعمة اخرى من النّعم التي منّ بها على بني إسرائيل. والمنّ هو الإحسان والخير ، ويقع تارة ، بالفعل ، وهو حسن وكثير في القرآن ، وأخرى بالقول وهو مستقبح عند الناس إلّا عند كفران النعمة ، ولذا قالوا : «إذا كفرت النعمة حسنت المنة». والسلوى هو كلما يتسلى به الإنسان ومنه التسلي في المصيبة ، وفلان