تشمل كل من ترك ما لا يرتضيه تعالى ودخل في ما يرضاه عزوجل.
قوله تعالى : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) التبديل : التغيير سواء كان في أصل المادة أم في الهيئة أم في بعض جهاتهما. وسواء كان في الإعتقاد أم في مجرد اللفظ أم فيهما معا ، وتبديل ما أنزله الله تعالى حرام بحكم الفطرة ، وقد أجمع المسلمون على عدم صحته في ما يتعلق بالشريعة الإسلامية ، ومنه تبديل ألفاظ القرآن الكريم ولو حرفا واحدا ، فإنه لا يجوز بلا ريب ولا إشكال.
والمعنى : أنهم غيروا ما أمروا به فخالفوه ولم يتبعوه وكان لهذا التبديل مصاديق مختلفة عند اليهود فإنهم خالفوا الأمر بالاستغفار والتوبة والسجود في بيت المقدس وبدلوه إلى شيء آخر.
وللمفسرين في تعيين المبدل إليه في السجود والحطة أقوال : فذكر بعضهم أنهم قالوا بدل «حطة» حنطة في شعرة ، وقال آخر انه بهاطا ، أو بحاطا ، أو هطا سمهاثا إلى غير ذلك. وبدلوا الأمر بالسجود أنهم زحفوا على أستاههم ، وكيف كان فقد وقع التبديل والمخالفة في ما أمروا به فشملهم العذاب ، وهذا جزاء كل مستهزئ بآيات الله وأحكامه.
قوله تعالى : (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ). يستعمل الرجز بمعنى الاضطراب الموجب للعذاب ، وعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله): «الطاعون رجز عذّب به بعض الأمم» ، وعن بعض اللغويين الرجز والرجس متقاربان كالبزاق والبصاق. والرجز (بالضم) عبادة الأوثان وهو يناسب المعنى الأول. ولم يذكر سبحانه وتعالى نوع العذاب ، وإنما ذكر بعض المفسرين أنه الطاعون فمات منهم أربعة وعشرون ألفا من كبارهم وشيوخهم وبقي الأبناء فانتقل عنهم العلم والعمل فمات الكبراء والشيوخ بالطاعون ومات الباقون بالجهل المركب الذي هو أشد من الطاعون ، وإنما كرر الظالمين في الآية المباركة إما لأجل تخصيص الرجز بالظالمين ، أو تعظيما للأمر وإظهار قبح ظلمهم.
قوله تعالى : (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ). ابتلى اليهود بأنواع من العذاب