وأبيض ناصع ، وأخضر ناضر ، وأصفر فاقع. وكلها صفات مبالغة لهذه الألوان. وقد نقل أن الصفرة الشديدة توجب السرور ، وتجلي البصر ، وعن الصادق (عليهالسلام): «من لبس نعلا صفراء لم يزل مسرورا حتّى يبليها».
قوله تعالى : (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ). تشديد آخر منهم على أنفسهم ، وعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله): «إنهم أمروا بأدنى بقرة ، ولكن شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم وايم الله لو لم يستثنوا ما اهتدوا إليها أبدا». والمنساق من هذه الآية المباركة أنها في مقام بيان صفات فعلها ، والآية السابقة في مقام بيان صفات جسمها.
والمعنى : إنّ وجوه البقرة تتشابه فأرادوا زيادة التمييز ، وقوله تعالى : (إِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) استثناء منهم ، وهذا هو المراد من قوله (صلىاللهعليهوآله): «لو لم يستثنوا ويقولوا إن شاء الله لما تبينت لهم إلى آخر الأبد».
قوله تعالى : (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها). الذلول من البهيمة ما كانت منقادة ومعتادة للعمل أي : صعبة ليست معتادة لعمل إثارة الأرض ، ولا تطاوع لأن يسقى بها الزرع أو يستقى عليها والمراد بالمسلّمة أي : سلمها الله تعالى من العيوب. و (لا شِيَةَ فِيها) أي لونها متحد ليس فيه اختلاف وتعدد كما في بعض الأبقار وأصله من الوشي وهو خلط اللون باللون.
قوله تعالى : (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ). أي : إنك بينت الحق ، لظهور الأوصاف التي بيّنها موسى (عليهالسلام) في ما وجدوها من البقرة.
قوله تعالى : (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ). لكثرة ثقل ذلك التكليف عليهم بما شددوا على أنفسهم ، أو لغلاء ثمنها ـ كما في بعض الروايات على ما يأتي في البحث الروائي ـ أو خوفا للفضيحة وكيف كان فهو يدل على امتهانهم لأوامر الله تعالى ، وإنما أمروا بالذبح دون ضرب الحي لئلا يقعوا في الضلالة أكثر.