استحقاقه تعالى للحمد هو كونه رب العالمين.
قوله تعالى : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) : تقدم تفسيرهما. وإنما كرر سبحانه وتعالى : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) هنا ، بناء على جزئيّة البسملة للفاتحة ، كما هو الحق عند المسلمين ، لأنّ الرحمن الرحيم ، لوحظا في البسملة بالعنوان العام من كونهما من صفات الذات الأقدس بلا إضافة إلى شيء ، وفي الفاتحة لوحظا باعتبار منشأ استحقاقه تعالى للحمد ، فهذه الخصوصية توجب الاختلاف في الجملة ، وبها يرتفع التكرار.
قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ). هذه المادة (المالك) بأي هيئة استعملت تكون بمعنى الاستيلاء والإحاطة والاحتواء سواء أكان بالنسبة إلى الخلق والإيجاد أو بالنسبة إلى النظم أو الانتظام. نعم ؛ هي في المخلوق محدودة لفرض محدودية ذاته وصفاته وفي الخالق لا وجه للتحديد فيه بوجه من الوجوه ، وذكر يوم الدين من باب ذكر بعض المصاديق لنكتة لا للانحصار كما ستعرف.
نعم ؛ مالكية يوم الدين تستلزم مالكيته لجميع العوالم السابقة عليه نحو استلزام النتيجة للمقدمات كما أن مالكية الدنيا ملازمة لمالكية يوم الدين كاستلزام المقدمات للنتيجة المنطوية فيها ، مع أن قوله تعالى : (بِيَدِهِ الْمُلْكُ) [سورة تبارك ، الآية : ١] ، وقوله تعالى : (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) [سورة التغابن ، الآية : ١] ، وقوله تعالى : (بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) [سورة المؤمنون ، الآية : ٨٨] عام يشمل جميع العوالم ومالكيته لها بالدلالة المطابقية.
ثم إنه وردت هذه المادة بأغلب مشتقاتها في القرآن الكريم فقد أطلق فيه الملك (بفتح الميم وكسر اللام) بالنسبة إليه تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ) [سورة الحشر ، الآية : ٢٣] وقال تعالى : (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ) [سورة طه ، الآية : ١١٤] ، وقال تعالى : (مَلِكِ النَّاسِ) [سورة الناس ، الآية : ٢] كما ورد الملك (بضم الميم وسكون اللام) مضافا إليه تعالى كثيرا قال تعالى : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [سورة الحديد ، الآية :