بحث فقهي :
قد استدل بالآية المباركة : (لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) على حرمة أخذ الأجرة على تدوين المصحف الشريف وحرمة بيعه ، وأصل المسألة مذكورة في الكتب الفقهية ، وقد استدلوا على الحرمة أيضا بأدلة أخرى لكنها قاصرة عن إثباتها فمقتضى الأصول والأدلة والقواعد الجواز إلّا أن يدل دليل معتبر بالخصوص على الحرمة وقد ذكرنا التفصيل في الفقه ومن أراد المزيد فليراجع كتابنا [مهذب الأحكام].
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٨٤) ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٨٦))
بعد ما ذكر سبحانه وتعالى أحوال بني إسرائيل وما أنعم عليهم بأنواع النعم وما ظهر فيهم من المعجزات الباهرات شرع في تعداد ما أخذ عليهم من العهود والمواثيق وهي أمور عقلية نظامية تنظم شؤونهم الفردية والاجتماعية الدنيوية والأخروية ، ويترتب على مخالفتها والاستخفاف بها الأحكام الوضعية والتكليفية. وإنما كرر جل شأنه ميثاق بني إسرائيل لأنهم أول من قامت فيهم الحركة الدينية ولعلهم يشكرون هذه النعمة ، ويدينون بما جاء به النبي (صلىاللهعليهوآله) تعظيما لشأنه (صلىاللهعليهوآله) واهتماما باتباعه وتسلية له