لئلا يتأثر من لجاجهم وانكارهم ، فإنهم جبلوا على ذلك.
التفسير
قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ). الأخذ : الاستيلاء والتحصيل والحيازة ، وقد استعملت هذه المادة في القرآن الكريم بهيئات كثيرة جدا بالنسبة إليه تعالى وإلى خلقه ، وكذا في السنة المقدسة فعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله): «على اليد ما أخذت حتّى تؤدي». وتقدم معنى الميثاق وهو العهد المؤكد والعقد المستحكم. والموثوق به في الآيات المباركة أمور كلها مما يستقل العقل بحسنها ، واجتمعت الشرايع السماوية عليها.
والمعنى : اذكر ايها الرسول ما أخذناه من المواثيق عليهم ، وقد بيّن سبحانه وتعالى هذه المواثيق بما يأتي.
قوله تعالى : (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ). جملة خبرية في مقام الإنشاء وهذا أبلغ في الطلب وآكد أي : اعبدوا الله وحده لا شريك له ، كما قال تعالى : (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) [سورة النساء ، الآية : ٣٦] وهو غاية كمال العقل وأولى درجة الرقي إلى المقامات العالية التي لا حد لها ولا نهاية.
قوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً). أي أمرناهم بالإحسان إلى الوالدين ، وهو حكم حسن يحكم به ذوو العقول لو لم يحكم بحسنه كل ذي شعور ؛ وقد قرن سبحانه وتعالى الوالدين بالتوحيد في هذه الآية المباركة ، وفي جملة من الآيات قال تعالى : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [سورة الأنعام ، الآية : ١٥١] ، وقال جلّ شأنه : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [سورة الإسراء ، الآية : ٢٣]. وذلك ، لأن النشأة الأولى أو الخلق وإن كان من الله تعالى ولكن دوام بقاء عالم الإنسانية بالوالدين ، كما أن منشأ التربية الحقيقية من الله تعالى ، لأنه الرب على الإطلاق وجميع ما سواه مربوب له ، ثم بعد ذلك في النظام الأحسن تكون التربية من جهة الوالدين ، ولذا قرن الشكر لهما