اللطيفة بالأجسام التي نشاهدها في عالم النوم ، وما يوجد في الذهن. وحيث إن وجود الملائكة لا يتوقف على المادة وتهيئة الأسباب فيكفي في إيجادها مجرد الأمر الإلهي ، وهي بجميع أقسامها من عالم الأمر (أي : ما يوجد بمجرد أمره تعالى من غير توقف على المادة والزمان ونحوهما) فمنها مالها مراتب ومنازل كالمدبرات أمرا ، والنازعات ، والفارقات ونحو ذلك ، ومنها ما ليس كذلك وقد اصطلح على تسمية الكل بالملائكة ، وعلى تسمية من له شأن من الشأن بالملك ، فكل ملك ملائكة وليس كل ملائكة ملك فنسبة الملك (بفتح الميم واللام) إلى البقية كنسبة الملك (بكسر اللام) إلى الرعية ، ويأتي تفصيل أحوال الملائكة وشؤونها وأفعالها في المحل المناسب إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ). إنّما خصهما تعالى بالذكر إعلانا بعلوّ شأنهما وتشريفا لهما ، أو لأنّ اليهود إنما خصوصهما بالذكر فقالوا : إنّ جبريل ملك الإنذار والعذاب ، وميكال ملك الرحمة فنزلت الآية ردا عليهم بأن معاداة أحدهما هي معاداة الآخر ومحبتهما كذلك. وإلّا فهما من سادات الملائكة ، وهم أربعة : جبريل الذي هو موكل بإفادة العلوم للذوات المستعدة لكل علم وفن وصنعة. وميكائيل موكل بالأرزاق. وإسرافيل موكل بإفاضة الأرواح لكل ذي روح. وعزرائيل موكل بقبض الأرواح ، ولكل من هؤلاء الأربعة أعوان وجنود لا يعلمها إلّا الله تعالى وهو المهيمن على الجميع.
قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ). أي : أنّ من كان كذلك لا يكون إلّا كافرا به تعالى والله عدو للكافرين ، وعداوته لهم عبارة عن سخطه تعالى عليهم وعقابه لهم ، وهم الظالمون لأنفسهم وكفى بذلك خزيا.
وفي الآية إشارة إلى أن عداوة الله لا تتحقق إلّا بسبق عداوة العبد له تعالى ، فهو كالموضوع لعداوته عزوجل ، والموضوع متقدم على ما يلحقه ؛ فبينهما ملازمة الجزاء والشرط. كما أن في الآية المباركة من الوعيد الشديد والذم لمعادي الملائكة لا سيما جبرئيل فإن اليهود وإن كانوا لا