أغنام إبراهيم خليل الرحمن (عليهالسلام) كما أن تل نمرود الذي ألقي الخليل منه في النار معروف في هذه المدينة وإنّ مقام إدريس وإبراهيم موجودان في مسجدي الكوفة والسهلة ، وعن أبي جعفر (عليهالسلام) في وصف مسجد الكوفة : «إنها سرة بابل» ، وقبر هود وصالح (عليهماالسلام) مشهوران في ظهر الكوفة. وعن علي (عليهالسلام) في وقعة الخوارج أنه (عليهالسلام) لما وصل إلى أرض بابل قال : «هذه أرض ملعونة قد عذّبت في الدهر مرتين وهي تتوقع الثالثة ، وهي إحدى المؤتفكات ، وهي أول أرض عبد فيها وثن» فاقتضت المصالح التكوينية والتشريعية أن يتم الله تعالى الحجة على أهل تلك الديار بما تقتضيه الظروف وأحوال العباد فأراد سبحانه وتعالى أولا أن يميز لهم الإرادة الوهمية الشيطانية والإرادة الغيبية الإلهية ، ثم التدرج في المعارف الإلهية بما تقتضيه الحكمة المتعالية.
وهاروت وماروت اسمان أعجميان وهما ملكان نزلا من السماء في صورة الإنسان وكانا بين النّاس مدة من الزمان فعلا ذكرهما وشاع أمرهما ، وكثرت مراودة النّاس إليهما حتّى صارا بمنزلة ملكين لهم. وقيل : إنهما من البشر كانا من أهل صمت ووقار. والظاهر أن أصحاب هذا القول نظروا إلى هذين الملكين بعد تجسمهما بصورة البشر فلا نزاع في البين. وقد أنزل الله تعالى هذين الملكين لتعليم الناس السحر وإنذارهم عن مضاره فيحذروا عن سحر السحرة وكيد الشياطين ، وكان ذلك لمصالح كثيرة ، منها : التمييز بين المعجزة والسحر ، وأن الأولى من الله تعالى ، والثاني من الشيطان وأعوانه. فالمراد بالإنزال في الآية المباركة إنما هو نحو من الإلهام ، وإنما ألهمهما الله تعالى ذلك لدفع المفاسد المترتبة على السحر ، لا لموضوعية فيه حتّى يكون من الإلهام الفاسد.
قوله تعالى : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ). مادة (فتن) تأتي بمعنى الاختبار والامتحان سواء في الخير أو الشر ، قال تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [سورة الأنبياء ، الآية : ٣٥]. والمراد بها في المقام مطلق الاختبار ، لأنهم إنما نسبوا إلى سليمان (عليهالسلام) السحر وافتروا عليه بأن تسخيره للجن والإنس وغيرهما إنما كان بواسطة السحر