التخييل والخداع له الأثر النفسي في الإنسان.
والعلوم من ناحية الموضوع تنقسم إلى أقسام :
الأول : ما كان موضوعه المادة والماديات كالعلوم الطبيعية.
الثاني : ما كان موضوعه الروح وما وراء المادة وهذا القسم يختلف من حيث تجرد موضوعه عن المادة بالكلية ، كالعلوم الإلهية ، أو لم يكن كذلك كالعلوم التي تبحث عن الملائكة والأرواح ونحوهما.
الثالث : ما كان موضوعه مزيجا من المادة والروح كعلم السحر والطلسمات ، والنيرنجات وأمثال ذلك ، فإنها من دون اتصالها بالأرواح لا أثر لها ، كما أنها لو لم تستعن بأمور خاصة لم يتأثر الطرف المقابل كحركات في اليد أو في العين أو تحريك في اللسان أو رموز في الكتابة او تدخين وغير ذلك. نعم من شدة اعتماده على الأثر النفسي يمكن لنا أن نقول انه في جوهره عمل نفسي له آثار مادية ، ولذا لا يمكن أن يأتي تحت تجربة وإلّا كان وهما في وهم. ومن الواضح أن الأثر النفسي لا يمكن أن يتحقق إلّا في محل قابل ومستعد لقبول ما يصدر عن الساحر ، ولذلك كان تأثيره في الإنسان محدودا بالفرد الناقص من حيث المعرفة والكمال وأما الإنسان الكامل فلا أثر للسحر فيه ، ولم يعهد أن نبيا من أنبياء الله تعالى تغلّب عليه السحر وأثّر فيه ما ورد في سحر النبي (صلىاللهعليهوآله) فلنا فيه كلام يأتي في محله. ومن ذلك يعلم وجه انتشار السحر في الأمم البدائية التي يكثر فيها الجهل والإعتقاد بالخرافات.
ثم إنّ إنفاذ السحر وتأثيره في النفوس الضعيفة يتوقف على قوة الساحر وثبات في العزيمة ، وأكاذيب يستعين بها على التأثير في وعي المسحور ووهمه يشبه في ذلك بعلم التوهم ـ علم التنويم المغناطيسي ـ المبني على التأثر في وهم الأفراد ويستفيد الساحر من الأكاذيب والمفتعلات ما لا يستفيده من غيرها ، وهو إنما بلغ إلى هذه المرتبة بفضل ما كان يعتقده النّاس في السحر والسحرة من ان لهم التصرف في كل شيء وتصدر عنهم أعمال عظيمة كإحياء الأموات ، أو إصابة الناس