أهلا للعبادة فعبدتك» ، وعن أبي عبد الله الصادق (عليهالسلام): «العباد ثلاثة : قوم عبدوا الله عزوجل خوفا ، فتلك عبادة العبيد ، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب ، فتلك عبادة الاجراء. وقوم عبدوا الله عزوجل حبا له ، فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة». ولا شك في أن عبادته لحبه تعالى ، كما في هذه الرواية من أفضل أنحاء العبادات لخلوصها حتّى عن المسألة عنه تعالى وإضافة شيء إليه عزوجل خارجا عن ذاته ، ولكن في بعض الروايات عن علي (عليهالسلام) كما تقدم «أن قوما عبدوا الله شكرا ، فتلك عبادة الأحرار» وهي من أفضلها أيضا ولكن لا تصل إلى مرتبة المحبة ، لأن المحبة قد تصل إلى مرتبة الفناء في المحبوب فلا يرى شيئا آخر أبدا وراء أهلية المحبوب والشكر هو لحاظ شيء آخر وراء ذات المحبوب وسيأتي تفصيل هذه المباحث في محالها إن شاء الله تعالى.
وإذا تحققت العبادة الواقعية بحيث لا يشوبها شيء كانت ثمرتها عظيمة لا يمكن حدها ، وقد ورد في ذلك ما يوجب التحير منه ، فعن أبي جعفر (عليهالسلام): «إن الله جل جلاله قال : ما يتقرب إليّ عبد من عبادي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه ، وإنه ليتقرب إليّ بالنافلة حتّى أحبه ـ الحديث ـ» فإن محبته تعالى لعبده من أجلّ مراتب الكمال وتوجب وصوله إلى مقامات عالية لاستلزام الانقياد والعبودية التامة من العابد الإفاضة المطلقة بالنسبة إليه ويستفاد ذلك من كثير من الروايات ، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وعن المحقق الطوسي أن العبادة أقسام ثلاثة : قلبي كالعقائد الحسنة وبدني كالأعمال الحسنة ، واجتماعي كالمعاملات الشرعية والأخلاق الحسنة مع النّاس وسيأتي في الآيات المباركة المناسبة لها تفصيل الكلام.
قوله تعالى : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) : الاستعانة طلب العون ، والحصر هنا كالحصر في (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) لفظي وسياقي وحالي ، لأن الغني المطلق من كل جهة ، لا بد وأن تنحصر الاستعانة به ، والاستعانة بما سواه ان رجعت إليه تكون الاستعانة به ، والا تكون شركا من هذه الجهة ، فيكون المعنى هنا مشتملا على النفي والإثبات ، أي : لا نستعين بغيرك ونستعين بك فقط.