بحث فقهي :
المحرمات في الشريعة المقدسة تارة : تكون المفاسد فيها شخصية فقط كشرب السم مثلا ، وأخرى : تكون شخصية ونوعية كالظلم وثالثة : تكون منهما مضافا إلى معرضية المعارضة مع النبوات السماوية كالسحر ، وحيث إن العقل يستقل بقبح الجميع خصوصا الأخيرتين فلا بد وأن تكونا محرمتين في جميع الشرايع الإلهية ، فالسحر محرم في شريعتي موسى وعيسى (عليهماالسلام). وقد ورد في سفر اللاويّين الإصحاح التاسع عشر من التوراة : «لا تلتفوا إلى الجان ولا تطلبوا التوابع [النفاثات في العقد] فتتنجسوا» ، وقال في الإصحاح العشرين منه : «وإذا كان في رجل أو امرأة جان أو تابعة ، فإنه يقتل بالحجارة يرجمونه دمه عليه».
ثم إنه قد استدل بعض الفقهاء بقوله تعالى : (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) ـ الآية على جواز تعليم السحر وتعلّمه ، لأن المنزل هو الله تعالى ، والملك معصوم ، فلا يعقل أن يكون محرما.
وفيه : إن التأمل في مجموع الآية الشريفة صدرها وذيلها يدل على ان الاستدلال بها على الحرمة أولى من الاستدلال بها على الجواز ، فإنها قد عدت السحر في عرض الكفر فكيف يستدل بها على الجواز؟ نعم قد يعرض الجواز لعناوين خارجية ، كما تزول حرمة الكذب لعروض عناوين توجب رفع الحرمة. والمسألة محررة فى الكتب الفقهية.
بحث كلامي :
لا ريب في أنّ ما يفاض على الممكنات لا بد أن ينتهي إليه سبحانه وتعالى بنحو الاقتضاء ، للأدلة العقلية والنقلية ، ففي الأثر المعروف ـ المنقول متواترا بين الفريقين ـ عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله): «لا إله إلّا الله وحده وحده وحده» فإن الوحدة الأولى إشارة إلى وحدة الذات ، والثانية تشير إلى وحدة الصفات أي سلب جميع النقائص عنه تعالى ، وفي الثالثة إشارة إلى وحدة الفعل أي أنه مبدأ الكل ، وأنه لا