أي : افهموا ما يبين لكم رسول الله (صلىاللهعليهوآله) فيتحقق حينئذ حقيقة الاستفادة والتعلم.
قوله تعالى : (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ). أي : أن من فعل ذلك منكم ولم يسمع قوله (صلىاللهعليهوآله) وخالف أمره يصير كافرا وللكافرين عذاب اليم بلا فرق بين اليهود وغيرهم فان حكم الآية المباركة عام ، إذ هو من الأحكام الفطرية الحسنة التي يحكم بحسنها العقلاء ، ولا بد من مراعاة ما ورد فيها من الآداب على جميع المتعلمين والمستفيدين. وتشير الآية المباركة إلى مدح كون المستفيد والمتعلم في مقام الفهم والإدراك ، وحسن التماسه ذلك من المعلم ، كما تشير إلى أنّ إفادة المفيد لا بد وأن تكون بقدر استعداد المستفيد والمتعلم وعلى قدر القابليات ، وتدل على ذلك النصوص الكثيرة ، وقد روى الفريقان عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله): «إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم النّاس على قدر عقولهم».
قوله تعالى : (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ). أي : ما يحب الذين كفروا من اليهود والنصارى ولا من المشركين أن ينزل عليكم أيّ خير. وكلمة «من» تفيد الاستغراق لوقوعها في حيّز النفي وفي إتيان كلمة «ربكم» إشارة إلى عطفه تعالى على هذه الأمة.
والمراد من الخير في المقام كل خير دنيوي وأخروي فيشمل منصب النبوة وما يلزمها من المعارف والكمالات الإنسانية المنبعثة عن هذه الشريعة المقدسة الغراء. والسبب في حسد الكفار والمشركين على المؤمنين هو تمني الكفار أن تكون فيهم الحركة الدينية فلا يتعدى إلى غيرهم. وأما المشركون فلأن الإسلام يهدد كيانهم ، ويخيّب آمالهم.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ). تقدم معنى الرحمة في سورة الحمد ، ويراد منها في المقام بقرينة «ب» التبعيضية خصوص تلك الرحمة التي أنزلت على نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) ومن تبعه من