التفسير
قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ). النسخ يأتي بمعنى إزالة شيء بشيء يتعقبه ، يقال نسخت الشمس الظل ؛ ونسخ الظل الشمس ، ونسخ الشيب الشباب ، ويستلزم ذلك أمور :
الأول : النقل كما يقال نسخت الكتاب ، وقال تعالى : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة الجاثية ، الآية : ٢٩] وهو عبارة عن نقله وضبطه.
الثاني : مجرد الإزالة إذا لوحظ بالنسبة إلى المنسوخ فقط وعن بعض المفسرين أن منه قوله تعالى : (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) [سورة الحج ، الآية : ٥٢] أي يزيله فلا يتلى ولا يثبت في المصحف ، والظاهر بطلانه لتذييل الآية المباركة بقوله تعالى : (ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي يزيل ما ألقاه الشيطان وهو الباطل ويثبت الحق وأما نسخ التلاوة فسيأتي بطلانه إن شاء الله تعالى.
الثالث : الإثبات إذا لوحظ بالنسبة إلى الناسخ فقط.
الرابع : هما معا إذا لوحظ بالنسبة إليهما معا فيكون بمعنى التبديل أيضا ، ومنه اصطلاح العلماء في النسخ المبحوث عندهم أي تبديل ما كان ثابتا من الحكم الشرعي بدليل معتبر على خلافه. والتناسخ المعروف عند أهله أيضا من النقل والإزالة كما لا يخفى.
ومن ذلك يعلم أنّ تخصيص العمومات ، وتقييد المطلقات ، والقرائن العامة أو الخاصة على خلاف الظاهر ليس من النسخ في شيء لا موضوعا ولا حكما.
والآية هي العلامة ، وتطلق على تمام الآية وعلى الجزء منها ، بل قد أطلق القرآن الآية على ما جاء في الكتب الإلهية السابقة قال تعالى : (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) [سورة آل عمران ، الآية : ١١٣] ، وقال تعالى : (أَلَمْ