بحوث المقام
بحث روائي :
في تفسير العياشي : «عن الباقر (عليهالسلام) في قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) «فقال (عليهالسلام) الناسخ ما حوّل ، وما ينسيها مثل الغيب الذي لم يكن بعد قوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) قال (عليهالسلام) : فيفعل الله ما يشاء ، ويحوّل ما يشاء مثل قوم يونس إذ بدا له فرحمهم ومثل قوله تعالى : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) قال (عليهالسلام) «أدركهم برحمته».
أقول : ما ورد في الأحاديث في أصل النسخ وفي الناسخ كمية وكيفية كثير جدا ومتواتر بين الفريقين ، وما ذكره (عليهالسلام) في هذا الحديث في النسخ بالمعنى العام أي مطلق التحويل والتغيير الشامل للبداء أيضا كما صرح في الرواية التالية صحيح لا إشكال فيه ، وتقدم في تفسير الآية ما يدل عليه أيضا.
وأما قوله (عليهالسلام): «وما ينسيها مثل الغيب الذي لم يكن» يحتمل فيه معنيان ـ الأول : صدور الوحي إلى قلب النبي (صلىاللهعليهوآله) ثم إنساء ما اوحي اليه قبل بيانه لمصالح فيه. الثاني : ثبوت المقتضي في عالم الغيب للوحي ثم ترك الوحي أصلا لمصالح فيه أيضا. والمنساق من الحديث المعنى الأخير ، لأنه باق على غيبه المكنون ، وعدم صدوره عن مرتبة الغيب إلى مرتبة اخرى من وحي وغير ذلك ، وهذا وجه حسن.
وفي تفسير العياشي عنه (عليهالسلام) أيضا : «إن من النسخ البداء المشتمل عليه قوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) ونجاة قوم يونس».
أقول : كون البداء من النسخ بحسب المعنى اللغوي وهو مطلق التحويل صحيح لا إشكال فيه ، لكن المنساق من مجموع الروايات الواصلة