ببعض الكتاب والكفر ببعضه الآخر ، كما حكى الله تعالى في كتابه المجيد. وكيف يحق لهم الإنكار وهم يذعنون بأن شريعتهم نسخت الشرايع السابقة ، ثم كيف يمكن لهم ادعاء استحالة النسخ مع وقوعه في كتب العهدين وهو كثير نذكر منه موردين. أحدهما من العهد القديم ، والثاني من العهد الجديد.
الأول : ورد في الباب الثاني والعشرين من سفر التكوين أن الله تعالى أمر إبراهيم (عليهالسلام) بذبح إسحاق (عليهالسلام) ثم نسخ هذا الحكم قبل العمل ، فقد ورد فيه : «ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه ، فناداه ملاك الرب من السماء وقال : ابراهيم ابراهيم فقال : ها أنا ذا. فقال : لا تمد يدك إلى الغلام ، ولا تفعل به شيئا ، لأني الآن علمت أنك خائف الله ، فلم تمسك ابنك وحيدك عني ، فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكا في الغابة بقرنيه ، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضا عن ابنه». وكذلك ورد في الإصحاح التاسع من سفر التكوين : أن كل دابة كانت مباحا في شريعة نوح ثم نسخت في شريعة موسى ، فقد ورد فيه : «كل دابة حية تكون لكم طعاما كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع».
الثاني : ورد في الآية الثالثة عشرة من الإصحاح الثامن من الرسالة العبرانية «فإذا قال جديدا عتق الأول ، وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الاضمحلال». وذكر ياييل في تفسير هذه الآية : «هذا ظاهر جدا أنّ الله يريد أن ينسخ العتيق بالرسالة الجديدة الحسنى فلذلك يرفع المذهب الموسوي اليهودي ويقوم المذهب المسيحي مقامه» إلى غير ذلك مما ذكروا من موارد النسخ التي تزيد عن ثلاثين موردا وإنما لم نتعرض لها خوفا من الإطالة.
شرائط النسخ :
يظهر من ما تقدم شروط النسخ : وهي ثلاثة :
الأول : أن يكون النسخ في الأحكام الشرعية ، فلا يقع في غيرها إلّا