بالعناية والمجاز ، كما سيأتي.
الثاني : أن يكون النسخ بدليل شرعي سواء كان من القرآن أو السنة أو الإجماع القطعي. فلا يكون من النسخ موارد ارتفاع الموضوع أو انتفاء الشرط.
الثالث : أن يكون دليل الناسخ ناظرا إلى الحكم المنسوخ ومعارضا له تعارضا حقيقيا لا يمكن الجمع بينهما ، فيكون كاشفا عن رفعه ، فليس كل تناف بين الدليلين أو الحكمين من النسخ ، ولذا وقع الخلاف في كثير من الآيات المباركة التي ادعي النسخ فيها ، وهي ليست كذلك بل من التقييد أو التخصيص ، وسيأتي البحث عن كل آية في محلها إن شاء الله تعالى.
ثم إنّ الناسخ والمنسوخ يتصوران بحسب الاحتمالات العقلية ثلاثة أقسام : تقارنهما زمانا ، تقدم الناسخ على المنسوخ ، تقدم المنسوخ على الناسخ ، والمتعارف من النسخ ، والمنساق منه في الكتاب والسنة هو الأخير. والأولان من مجرد الإمكان الذاتي.
نسخ الشرايع :
ذكرنا أنّ النسخ ـ في الجملة ـ من لوازم جعل القانون ، سواء كان إلهيا أو وضعيا ، فلا يختص بشريعة دون أخرى فهو واقع في الشرايع السابقة كشريعة موسى (عليهالسلام) ، وشريعة عيسى (عليهالسلام) بلا فرق بين أن يكون في شريعة واحدة أو في لاحقة بالنسبة إلى الشريعة السابقة ، راجع كتب العهدين تجد الأمثلة على كلا القسمين ، وقد ذكرنا سابقا ما يدل على ذلك.
وأما بالنسبة إلى شريعة الإسلام فقد دلت الأدلة العقلية على أنها خاتمة الشرايع الإلهية ، وناسخة لجميعها ، ولا خلاف بين المسلمين في ذلك قال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٩] وقال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ