التقسيم الثاني : باعتبار المنسوخ وذكروا له حالتين.
الأولى : نسخ الحكم الثابت بعد حضور وقت العمل به ، وهو واقع بلا ريب ولا إشكال.
الثانية : نسخ الحكم قبل حضور وقت العمل به وفيه قولان : قول بعدم صحته ، لعدم الفائدة والمصلحة فيه ، وقول آخر بالصحة ، وهو المشهور بين الإمامية.
وأورد على القول الأول بأن المصالح والمفاسد لا يعلمها إلّا الله تعالى ولا ملزم أن يعلمها كل أحد ، مع إمكان دعوى مصلحة الامتحان والابتلاء فيه. نعم الغالب في النسخ أن يكون بعد حضور وقت العمل بالمنسوخ ، ولكن ليس ذلك من المقومات الذاتية له ، فالمدار على وجود المصلحة سواء كان بعد حضور وقت العمل ، أو في أثنائه ، أو قبله.
ثم إنّهم ذكروا أنّ الحكم الناسخ (تارة) يكون أخف من الحكم المنسوخ مثل قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٧] بعد تحريم الجماع ، والأكل والشرب بعد النوم في ليلة الصيام (وأخرى) يكون مساويا له مثل نسخ وجوب استقبال بيت المقدس بوجوب استقبال الكعبة المقدسة. (وثالثة) : يكون أشد مثل نسخ حد الزنا بالحبس في البيت ، والتعنيف بالحد مائة جلدة والرجم.
ولا إشكال في الأقسام الثلاثة إمكانا ووقوعا ، بل يمكن تحقق النسخ بلا بدل وإيكال الأمر إلى البرائة العقلية. إن قيل : إن هذا مناف لظاهر قوله تعالى : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها). يقال : الحكم البتي العقلي يكون من (مثلها) لفرض أنها مقررة بالكتاب والسنة.
التقسيم الثالث : النسخ في القرآن ، وهو أنواع ثلاثة :
الأول : نسخ الحكم فقط ، ولا إشكال في إمكانه ووقوعه ، بل هو المشهور من النسخ إذا أطلق في القرآن الكريم ، وهو كثير مثل نسخ وجوب تقديم الصدقة على مناجاة الرسول (صلىاللهعليهوآله) قال تعالى : (يا