الذين لا يعلمون من الحق شيئا يقولون مثل قولهم سواء كانوا من المشركين أو الكفار ، بل يشمل كل من لا يعلم بالحق ولا يعمل به وغلب عليه هواه ولو كان من المسلمين.
إن قيل : إنّ الآية المباركة تدل على ذم التقليد ، وقد جرت سيرة المسلمين عليه خلفا عن سلف. (يقال) التقليد تارة يكون عن حجة معتبرة وبحجة كذلك وأخرى لا يكون كذلك والثاني باطل ومذموم دون الأول.
قوله تعالى : (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ). أي أنّ الجميع يرجع إليه وينتهي الحكم إليه ، فهو الحاكم بينكم في هذا الاختلاف ، ويحكم لمن كان منكم على الصراط المستقيم.
بحث روائي :
في الدر المنثور في قوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) ـ الآية أنّ كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرا وكان يهجو النبي (صلىاللهعليهوآله) ويحرّض عليه كفار قريش في شعره ، وكان المشركون واليهود من أهل المدينة حين قدمها رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يؤذون النبي وأصحابه أشد الأذى ، فأمر الله تعالى نبيّه بالصبر على ذلك والعفو عنهم ، وفيهم أنزلت (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ).
وفيه أيضا عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) ـ الآية «نزلت في يهود أهل المدينة ، ونصارى أهل نجران ، وذلك أن وفد نجران لما قدموا على رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أتاهم أحبار اليهود ، فتناظروا حتّى ارتفعت أصواتهم ، فقالت اليهود : ما أنتم على شيء من الدين ، وكفروا بعيسى (عليهالسلام) والإنجيل ، وقالت لهم النصارى : ما أنتم على شيء من الدين ، وكفروا بموسى (عليهالسلام) والتوراة فأنزل الله تعالى هذه الآية».
وقريب من ذلك ما رواه في المجموع عن ابن عباس ، وما روي عن