وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٩٤].
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥))
بعد ما ذكر سبحانه وتعالى مثالب اليهود والنصارى بيّن تعالى في هذه الآية المباركة بعض ما وقع منهم من الظلم النوعي ـ بأن منعوا المساجد أن يتعبد فيها ـ ثم أوعدهم الله تعالى بالخزي في الحياة الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة ، وردّ عليهم بأنه لا يحده مكان ولا جهة فيجوز لكل إنسان أن يعبد الله تعالى في أي مكان واية جهة فإن الله تعالى واسع المغفرة عليم بطاعة عباده.
التفسير
قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ). المساجد هي الأماكن المحررة للعبادة والسجود له تعالى ، بل يمكن أن يراد بها ، مضافا إلى ذلك عباد الله المخلصين الذين أفنوا جميع شؤونهم وحيثياتهم في طاعة الله تعالى وعبادته بكل معنى العبودية فصاروا من مظاهر آيات الله كالمساجد وعبادته ، فيكون المراد من منعهم عن ذكر اسم الله تعالى السعي في تشتت حالهم ، وتفرق بالهم ، وهجرانهم الأهل والديار ، وتشديد الرد عليهم ليسكتوا عن إظهار الحق ، وإزالة الباطل فتاهوا في الأرض بلا سند ولا ذنب غير أنهم يقولون (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) [سورة الأحقاف ، الآية : ٣١] بل لا يبعد التعدي إلى مطلق ما أعد لذلك كعرفات والمشعر الحرام ومنى.
ووجه كونه أظلم من غيره ، لأنه جمع في المساجد حق الله تعالى