تصليها حيث توجهت إذا كنت في سفر. وأما الفرائض فقوله تعالى : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) يعني الفرائض لا يصليها إلّا إلى القبلة».
أقول : صدر الحديث ورد في بيان بعض المصاديق ، كما سيأتي في البحث الفقهي ، وأما ذيل الحديث فهو في صلاة الفريضة في حال الإختيار ، وأما حال الاضطرار والتحيّر فلها أحكام خاصة مذكورة في الفقه ، فلا وجه لاحتمال الناسخية والمنسوخية بين هذه الآية المباركة وقوله تعالى : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [سورة البقرة ، الآية : ١٥٠] ، لاختلاف موردهما بالنصوص المستفيضة ، بل المتواترة التي هي شارحة للقرآن.
وفي الدر المنثور عن مجاهد لما نزلت (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [سورة غافر ، الآية : ٦٠]. قالوا : إلى أين؟ فأنزلت : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).
أقول : هذا أيضا من أحد موارد التطبيق.
وعن الواحدي عن ابن عباس : «هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)».
أقول : تقدم أنه لا وجه لاحتمال النسخ ، لاختلاف المورد فلا بد من طرح هذا الخبر.
بحث فقهي :
قد يستدل بقوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) على عدم جواز دخول الكفار والمشركين في المساجد بتقريب أنه إذا استولى عليها المسلمون وحصلت تحت سلطانهم فلا يمكّنون الكافر حينئذ من دخولها.
والصحيح أنّ الآية الشريفة لوحدها لا تدل على ذلك إلّا بضميمة